يجرى الوصول إلى جدة من ناحية البحر عن طريق رصيفين ، تقوم القوارب الصغيرة بنقل شحنات السفن الكبيرة إليهما ؛ نظرا لاضطرار تلك السفن الكبيرة إلى الرسو فى المياه العميقة التى تبعد قرابة ميلين عن الشاطئ ، والقوارب صغيرة الحجم التى يطلقون عليها اسم السّاى (وهى أصغر القوارب التى تبحر فى البحر الأحمر) هى الوحيدة التى تقترب من الشاطئ ، هذان الرصيفان يغلقان يوميا عند غروب الشمس. هذا يعنى أن الاتصال يتوقف أثناء الليل بين البلدة وحركة الملاحة.
جدة من ناحية البر لها بوابتان : البوابة التى يقال لها باب مكة وتوجد فى الجانب الشرقى ، والبوابة التى يطلقون عليها اسم بوابة المدينة وهى فى الجانب الشمالى ، وقد جرى مؤخرا إحداث بوابة صغيرة فى السور الجنوبى. المساحة التى يطوقها السور الجديد (والتى يقدر محيطها بحوالى ثلاثمائة خطوة) هو والبحر ليست كلها مغطاة بالمبانى ، هناك قطعة عريضة من الأرض المفتوحة تمتد بطول السور الداخلى ، كما أن هناك إلى جانب ذلك مساحة كبيرة من الأرض الخراب بالقرب من باب المدينة ، وفى الطرف الجنوبى من جدة. ولما كنت قد عبرت تلك الأرض الفضاء أثناء قدومى من البوابة ، فقد دخلت الضواحى التى ليس فيها سوى أكواخ بناها أصحابها من البوص والغاب والأخشاب وأغصان أشجار الأراك ، وهذه الأكواخ التى تطوق المدينة من الداخل عبارة عن بنايات من الحجر. هذه الأكواخ لا يسكنها سوى البدو أو الفلاحين والعمال الفقراء الذين يعيشون هنا حياة البدو ، هناك أحياء أو ضواح شبيهة بهذه الضاحية يعيش فيها أناس بالمواصفات نفسها فى سائر أنحاء الجزيرة العربية.
جدة من الداخل مقسمة إلى أحياء مختلفة ، أهل سواكن الذين يترددون على هذا المكان يسكنون بالقرب من باب المدينة ، ويسميها الناس حارة السواكنى. الناس هنا يعيشون فى منازل قليلة متواضعة ، لكنهم يعيشون فى أكواخ بصفة أساسية ، والطبقة الدنيا من البشر هم الذين يلجأون إلى مثل هذه الأكواخ ، كما تسكن فى تلك