حقير ، وبيت جابى الجمارك نفسه من هذا القبيل أيضا. فى جدة أيضا بعض الخانات العامة جيدة البناء ، وهذه الخانات تقدم إعاشات جيدة ، والتجار الأجانب يقيمون فى تلك الخانات أثناء مقامهم القصير فى جدة ، بعض الميادين الكبيرة المفتوحة التى فيها ممرات ذات عقود ، توفر ظلا باردا للتجار طوال الجزء الأكبر من النهار. وإذا ما استثنينا فترة الرياح الموسمية ، نجد أن زائر جدة يستطيع الحصول على سكن خاص فى الأحياء النائية من المدينة ، وسبب ذلك أن جدة تزدحم بالسكان فى فترة الرياح الموسمية. أفضل المساكن الخاصة فى جدة تملكها مؤسسة الجيلانى التجارية ، هذا الجيلانى يعيش هو وأسرته فى ميدان صغير خلف الشارع الرئيسى. هذا الميدان ، أو المربع السكنى مكون من ثلاث بنايات كبيرة ، وهى تشكل أعلى المساكن الخاصة وأكثرها راحة فى الحجاز كله. كل منزل من هذه المنازل له خزانه المائى الخاص به ، ولكن نظرا لعدم انتظام المطر أو وفرته على النحو الذى يكفى لملء هذه الخزانات من أعالى سطوح المنازل (كما هو الحال فى سائر أنحاء سوريا) فإن تلك الخزانات يجرى تزويدها بالماء من الآبار التى تتكون مياهها من الأمطار خارج المدينة.
ماء هذه الخزانات لا يكفى استهلاك جدة مطلقا ، ومن ثم يعد الماء شيئا عزيزا فى جدة. القسم الأكبر من ماء الشرب فى جدة يجرى جلبه من بعض الآبار التى تبعد عن المدينة ميلا ونصف الميل فى الناحية الجنوبية من المدينة. واقع الأمر أن الماء يمكن العثور عليه على عمق خمسة عشر قدما ، لكنه ليس طيب المذاق ، بل غير صالح للشرب فى بعض الأماكن. بئران فقط هما اللتان توفران ماء يمكن أن يقال عنه إنه عذب ، لكن هذا الماء يعد ماء ثقيلا ، وإذا ما قدر له أن يبقى أربعا وعشرين ساعة فى إناء ، فإنه يصبح عامرا بالحشرات. ونظرا لأن بئرا من هاتين البئرين عزيز ونادر ، فهو يصعب الحصول عليه دون مساعدة صديق قوى ، واقع الأمر أن عدد الأفراد اللازمين لجلب الماء من هاتين البئرين يتردد بين مائتى شخص وثلاثمائة شخص ، أما بقية سكان المدينة فيرضون لأنفسهم بالماء الذى يجرى جلبه من آبار أخرى ، وسبب