الطريقة عن طريق السفن إلى السويس ، ليجرى بيعها فى القاهرة ، ومن القاهرة تنفذ كل تلك المشتروات لتشق طريقها إلى البحر الأبيض المتوسط. وتجىء العائدات من تلك المشتروات إما على شكل بضائع يجرى تصريفها فى الحجاز ، أو على شكل دولارات وسكوينات يجرى نقل كمية كبيرة منها كل عام إلى خارج جدة عن طريق الأسطول الهندى ، وهذا بحد ذاته يعد سببا رئيسيا فى ندرة العملة الفضية فى مصر. سفن البن التى تأتى من اليمن تعود إلى بلادها حاملة بعض السلع القليلة المصنوعة فى مصر ، مثل الملاءات (التى هى عبارة عن قماش قطنى مقلم أزرق اللون) ، وقماش الكتان الذى تصنع منه القمصان ، والسبح المصنوعة من الزجاج ، لكن القسم الأكبر من المبيعات يكون بالنقد وليس بالأجل.
لو قدر للسويس المشاركة فى التجارة الهندية بصورة مباشرة فسوف يؤدى ذلك إلى التقليل كثيرا من حالة الانتعاش التى تشهدها جدة ، وهذا يعنى أن جدة سوف تعود إلى وضعها الحقيقى الذى ينبغى أن تكون عليه ، أى ميناء الحجاز فقط ، وليس ميناء لمصر بالشكل الذى هى عليه الآن. كان من الطبيعى لأشراف مكة الذين فى أيديهم مقاليد الجمارك أن يعملوا من خلال كل الوسائل المتوفرة لديهم على جعل جدة مركزا للتجارة الهندية ، حيث تشكل الجمارك المفروضة عليها المصدر الرئيسى لدخول هؤلاء الأشراف. السويس ، على العكس من ذلك ، لا توجد فيها رءوس الأموال الكبيرة بصورة مستمرة ، والجاهزة للدخول فى المشتروات ، يزاد على ذلك أن القاهرة نفسها لم تكن قادرة على الدخول ـ على وجه السرعة فى أضعف الأحوال ـ فى التجارة الهندية ، من باب الامتياز ، لو قدر لتلك التجارة الانتقال إلى السويس. وسبب ذلك طبقا للأعراف والتقاليد القديمة التى يندر أن يتخلى الشرقيون عنها ، هو أن الشراء بالنقد يكاد يكون غير معروف فى المعاملات التجارية فى تلك المدينة ، أضف إلى ذلك أن البضائع الهندية ، طبقا لهذه الأعراف والتقاليد ، لاتباع فى هذه المدينة إلا بعمليات ائتمانية طويلة الأجل ، والذى لا شك فيه أن المال يمكن أن يشق طريقه فى الوقت المناسب إلى جدة ، لكن القنوات التجارية كانت على نحو لا يسمح لأسطول السفن