عشرة فى المائة من سعر الشراء. ومع ذلك لا يبيع التجار بضاعتهم ، اللهم إلا إذا كانوا بحاجة إلى المال ، ويفضلون الاحتفاظ بالبن والبضاعة فى مخازنهم لمدة أربعة أشهر أو خمسة ، يتواصل خلالها ارتفاع الأسعار ، وإذا ما آثروا الانتظار إلى حلول شهر يناير أو فبراير من العام التالى فإنهم يحققون مكاسب أكيدة تصل إلى ما يتردد بين ثلاثين فى المائة وأربعين فى المائة ، وإذا ما نقل التجار جزءا من بضاعتهم إلى مكة لبيعها أثناء موسم الحج ازدادت أرباحهم أكثر وأكثر. طبيعة هذه التجارة هى التى تجعل جدة تزدحم بالناس أثناء بقاء تلك الأساطيل فى الميناء. الناس يحضرون إلى جدة من سائر أنحاء مناطق البحر الأحمر استهدافا لشراء الصفقات بالسعر الأول للبضاعة ، يزاد على ذلك أن تجار مكة وينبع وجدة يكنزون الدولارات التى فى حوزتهم لكى يستثمروها فى تلك المشتروات (*). سبب آخر من أسباب أمان التجارة الهندية مع جدة ، وزيادة الأرباح الناتجة عنها ، هو وصول السفن التجارية مرة واحدة فى العام إلى جدة وفى فترة محددة ، وهذا كله لا يستغرق سوى أسابيع قليلة ، وبالتالى لا يكون هناك ما يمكن أن يسىء إلى السوق. هذا يعنى أن سعر البضاعة يتحدد فى ضوء الطلب على كمية الواردات ، ومعروف أن هذا السعر لا يمكن أن ينزل مطلقا إلا بعد وصول الأسطول الذى يليه ، أما فى تجارة البن فالوضع على العكس من ذلك تماما.
فى سوريا ومصر تستغرق مسألة عقد صفقة بين تاجرين قيمتها ألف دولار ، أياما عدة وعمل ثلاثة أو أربعة سماسرة أو وسطاء. فى جدة تجرى المبيعات والمشتروات على شكل حمولات سفن كاملة وفى زمن يستغرق حوالى نصف ساعة ، ويجرى دفع النقود فى اليوم التالى. ويجرى شحن هذه المشتروات التى تتم بهذه
__________________
(*) حدث أن كنت حاضرا بعد مغادرة الأسطول الهندى مكة ، عندما كان أحد التجار الأثرياء المحترمين يقوم بزيارة واحد من معارفى ليقترض مائة دولار ، وهو يقول إنه وضع كل مليم فى البضائع الهندية التى لا يريد بيعها فى الوقت الراهن ، وأنه لم يعد معه ما يكفى مصروفاته اليومية. هذا أمر دائم الحدوث بين هؤلاء التجار.