بعض آخر من هؤلاء التجار يشحنون البن على حسابهم الخاص إلى القاهرة ، حيث إن القسم الأكبر من تجارة البن فى أيدى تجار الحجاز المقيمين فيها. وعلى امتداد السنوات الست الماضية ، نجد أن تجارة البن بين الجزيرة العربية والبحر الأبيض المتوسط ، عانت معاناة كبيرة من استيراد البن من غربى الهند إلى الموانئ التركية ، هذه الموانئ التى كان يجرى من قبل إمدادها بالبن الذى كان يأتى من المخا فى اليمن ، ذلك البن الذى أصبح يتفوق عليه تماما بن غربى الهند ، وبخاصة فى تركيا الأوروبية ، وفى آسيا الصغرى ، وفى سوريا. واعتبارا من ذلك التاريخ أصدر باشا مصر تعليمات تقضى بمنع استيراد البن من غربى الهند ، وعدم دخول ذلك البن إلى ممتلكات الباشا.
الاتجار فى البضائع الهندية آمن وأكثر ربحا من العمل فى تجارة البن. والمعروف أن الأساطيل التى تأتى أصلا من كلكتا وسورات وبومباى تصل إلى جدة مع بداية شهر مايو ، لتجد التجار مستعدين وجاهزين لها بالفعل ، بأن جمعوا من الدولارات والسكوينات كل ما لا تسمح به ظروفهم ، وذلك من باب تمكين أنفسهم من الدخول فى صفقات الجملة فور وصول السفن. يزاد على ذلك أن تجار القاهرة أيضا يرسلون مبالغ كبيرة إلى جدة لشراء البضائع لحسابهم ، ولكن القسم الأكبر من حمولات هذه السفن يشتريه تجار جدة ، الذين يرسلون هذه البضاعة فيما بعد إلى القاهرة لتباع لحسابهم. والأساطيل الهندية تعود إما فى شهر يونية أو يولية ، وهذا هو الوقت الذى ترتفع فيه أسعار البضائع التى تجلبها تلك السفن (*) ، وعادة ما يحدث فى اليوم الذى تغادر فيه آخر السفن ميناء جدة أن يحصل التجار على ربح يعادل
__________________
(*) تغادر السفن القادمة من البنغال جدة فى شهر يونية ، والسفن القادمة من سورات وبومباى فتغادر جدة فى شهر يولية أو بداية شهر أغسطس. أما السفن القادمة من مسقط ومن باسورة وكذلك سفن العبيد القادمة من ساحل موزمبيق فتصل إلى جدة فى ذلك الوقت تقريبا.