المعاهدة الثانية مثلما فعل مع المعاهدة الأولى. وسبب ذلك أن جشع الرجل إذا لم تتم السيطرة عليه فلن يقف عند حد من الحدود ، وقد يصل الأمر به إلى حد جباية رسوم إضافية ، بالقدر الذى يسمح به ذلك الطريق التجارى الجديد ، وذلك عن طريق تهديد أمن الطريق من السويس إلى القاهرة ، نظرا لأن بدو الصحراء المجاورة لذلك الطريق كانوا كلهم تحت أمر محمد على باشا ورهن إشارته.
كان حاكم جدة السابق (الشريف غالب) مشغولا تماما بالتجارة الهندية ؛ كان الرجل صاحب سفينتين ، حمولة كل منهما أربعمائة طن ، وتعملان فى تجارة الهند ، إضافة إلى سفن كثيرة أخرى صغيرة كانت تعمل فى تجارة البن مع اليمن. واقع الأمر أن الشريف غالب كان مضاربا واعيا وحصيفا فى كل أفرع تجارة البحر الأحمر البحرية. كان الرجل يفوق تجار جدة كلهم عن طريق الرسوم الثقيلة والمنافسة القوية ، لكن لم يعرف مطلقا عن الرجل أنه كان يمارس الجباية على هؤلاء التجار. كان الرجل إذا ما اقترض ما لا أعاده فى الوقت المحدد ، ولم يحاول مطلقا فرض إتاوات غير عادية على الأفراد ، على الرغم من أنه كان يحصّل تلك الإتاوة من الطائفة أو الجالية كلها عن طريق زيادة الرسوم بطريقة تعسفية. كان الأمن الذائع الذى تمتعت به الممتلكات فى ظل حكم الشريف غالب هو الذى أقنع التجار الأجانب بزيارة ميناء جدة ، حتى بعد أن أصبح الرجل يعانى معاناة شديدة أيام حكم الوهابيين. لم يكن سلوك الشريف غالب فى هذا الاتجاه ناتجا عن حبه للعدل والعدالة ، لأنه كان حاكما مستبدا ، ولأن الرجل كان يعرف جيدا أن التجار إذا ما خافوا وتركوا جدة ، فإن المدينة ستصبح بلا قيمة. فى أواخر حكم الشريف غالب زادت الجمارك المفروضة على البن من دولارين ونصف الدولار ، إلى خمسة دولارات على القنطار الواحد ، أى ما يعادل خمسة عشر فى المائة من ثمن شراء القنطار. كانت الجمارك المفروضة على البضائع الهندية تتردد بين ستة فى المائة وعشرة فى المائة ، طبقا لنوعية البضاعة. كان غالب ، إذا لم يستطع على الفور بيع البن أو البضاعة الهندية المستورة لحسابه ، يقوم بتوزيع حمولات سفنه بين التجار الوطنيين الموجودين فى جدة بالسعر السائد فى