من القاهرة ، ويأتى أصلا من سواحل آسيا الصغرى (*). أما الخشب الذى يستعمل فى الحديّدة وفى المخا فيأتى جزء منه من اليمن ، أما الجزء الثانى فيأتى من الساحل الإفريقى. ويجرى شراء كثير من السفن من بومباى ومن مسقط ، أما السفن التى يجرى بناؤها فى السويس فيشيع استعمالها فى البحر شمالى اليمن. كانت الحاجة ماسة إلى السفن فى جدة على امتداد السنوات الثلاث الأخيرة ، وسبب ذلك هو استيلاء الباشا على عدد كبير من السفن ، وإجبار أصحابها على نقل المؤن والذخيرة والأمتعة من مصر إلى الحجاز ، نظير ناولون (رسوم نقل) منخفضة جدا. أثناء مقامى فى جدة ، لم يمض يوم واحد دون أن أشاهد وصول بعض السفن القادمة من ينبع ومن القصير ، وكانت فى الميناء بصفة مستمرة مجموعة من السفن لا يقل عددها بحال من الأحوال عن حوالى أربعين سفينة أو خمسين. هناك ضابط يلقبونه بأمير البحر يعمل رئيسا للميناء ، ويتقاضى من كل سفينة من السفن مبلغا محددا نظير رسوها فى الميناء. كانت تلك الوظيفة تحظى باحترام كبير فى زمن الشريف غالب ، لكنها أصبحت عديمة القيمة والقدر فى هذه الأيام. ولقد اندهشت عندما وجدت أن ميناء مطروقا مثل ميناء جدة ، كان خاليا من قوارب النزهة بكل أنواعها ، وأن الميناء كان خاليا أيضا من بحارة القوارب العامة ، لكنى عرفت أن ذلك كان راجعا إلى غيرة ضباط الجمارك الذين كانوا يمنعون القوارب التى من هذا القبيل ، بل كانوا يصرون على عودة قوارب السفينة إليها عقب غروب الشمس مباشرة.
جدة ليست لها تجارة برية مع أى مكان سوى المدينة المنورة ومكة [المكرمة]. هناك قافلة تتجه من جدة إلى المدينة المنورة مرة واحدة كل أربعين يوما أو خمسين ، حاملة إليها البضاعة والعقاقير الهندية ، وغالبا ما تكون مثل هذه القافلة مصحوبة
__________________
(*) القلاع المستخدمة هنا فى سائر أنحاء البحر الأحمر كلها صناعة مصرية ، أما الحبال فهى تصنع من ليف النخيل ، والسفن التى تأتى من جزر الهند الشرقية تكون حبالها مصنوعة من ألياف نخيل جوز الهند ، التى يجرى إحضار كميات منها لبيعها هنا فى جدة.