بعدد من الحجاج الذاهبين إلى المدينة المنورة لزيارة قبر [سيدنا] محمد صلىاللهعليهوسلم. القافلة التى من هذا القبيل تتكون من عدد من الإبل يتراوح بين ستين جملا ومائة جمل ، ويقودها بدو حرب. ومع ذلك ، فإن التواصل بين جدة والمدينة المنورة يغلب أن يتم عن طريق واحد من الطرق ، يسمونه طريق ينبع الأوسط ، ويجرى بواسطة شحن البضاعة بالبحر من ينبع. وعلاوة على القوافل سالفة الذكر ، هناك بعض القوافل الأخرى التى تتجه إلى مكة مساء كل يوم ، أو مرتين كل أسبوع فى أضعف الأحوال ، وتكون تلك القوافل محملة بالمؤن والتموينات ، وطوال الأشهر الأربعة التى تسبق الحج ، وهو الوقت الذى تجلب فيه السفن القادمة إلى جدة الحجاج استعدادا لأداء فريضة الحج. تتزايد الحركة فى جدة أكثر وأكثر ، وهنا تبدأ القوافل فى الخروج بصورة منتظمة من البوابة التى يطلقون عليها اسم باب مكة ، مساء كل يوم بعد غروب الشمس مباشرة. والإبل المحملة تستغرق ليلتين فى هذه الرحلة ، وتحصل على قسط من الراحة أثناء النهار فى منطقة الهدا التى تقع فى منتصف الطريق ، وإلى جانب هذه القوافل ، هناك قافلة حمير أخرى تكون محملة بأحمال خفيفة ، وهى الأخرى تبدأ أيضا مساء كل يوم عقب غروب الشمس ، وتقطع الرحلة التى تستغرق ما بين خمس عشرة ساعة أو ست عشرة فى ليلة واحدة ؛ إذ تصل قافلة الحمير هذه بصورة منتظمة إلى مكة فى مطلع الصباح الباكر (*). قافلة الحمير هذه هى التى يجرى بواسطتها نقل الرسائل فيما بين المدينتين ، وفى زمن السلم يلتقى الناس القوافل على شاطئ البحر فى اتجاه اليمن ، وفى داخل تهامة ، وفى المخواه التى يجرى استيراد أو جلب القمح منها. (راجع الملحق رقم ٥ عن جغرافيا الحجاز).
__________________
(*) فى حالة توفر الإبل يجرى تأجير الجمل الواحد للقيام برحلة من جدة إلى مكة نظير ما يتردد بين عشرين قرشا وخمسة وعشرين قرشا. وعندما تتوفر الإبل ، أو بالأحرى ومع اقتراب موسم الحج ، يتردد هذا المبلغ بين ستين قرشا وسبعين قرشا. وأثناء مقامى فى جدة كان إيجار الحمار من جدة إلى مكة يقدر بحوالى عشرين قرشا. هذه الأسعار تعد مرتفعة جدا فى أى مكان آخر فى الليفانت ؛ الجمل الذى يقطع المسافة من القاهرة إلى السويس يحصل صاحبه على خمسة عشر قرشا ، والمسافة بين السويس والقاهرة تقدر بضعف المسافة التى بين جدة ومكة.