فى كل هذه الدكاكين ترى الناس وهم يدخنون النرجيلة (الشيشة) الفارسية التى تنقسم إلى ثلاثة أنواع :
١ ـ القدرة وهى أكبر هذه النرجيلات ، وهى ترتكز على حامل ثلاثى ، ويجرى تقديمها بطريقة أنيقة جدا ، ولا وجود لها إلا فى المنازل والبيوتات الخاصة.
٢ ـ الشيشة (ويسميها الناس الأرجيلة فى سوريا) ، وهى أصغر حجما من القدرة ، ويتصل بها أنبوب حلزونى طويل (يسمونه اللّى) ، وهو الذى يجرى من خلاله شفط الدخان.
٣ ـ البورى وله بوصة سميكة تقوم بدور الأنبوب الحلزونى ، هذا الغليون هو الرفيق الدائم لأفراد الطبقات الدنيا ، ورفيق كل بحارة البحر الأحمر المتيمون باستعماله ، والتبغ الذى يجرى تدخينه فى كل من القدرة والشيشة يأتى من الخليج الفارسى ، وأفضل أنواع التبغ تلك التى تأتى من شيراز. هناك نوع أقل جودة من هذا التبغ (يسمونه التمباك) وهو يأتى من البصرة ومن بغداد. وورقة التمباك لونها يميل إلى الاصفرار ، وهو أقوى من التبغ العادى ، ويجرى غسل التمباك قبل استعماله للتخفيف من قوته. والتمباك الذى يستعمل فى البورى يأتى من اليمن ، وهو من النوع نفسه الذى يأتى من البصرة وبغداد ، لكنه أقل منه جودة. والاتجار فى هذه السلعة (التبغ والتمباك) يعد تجارة كبيرة جدا ، فالاستهلاك فى الحجاز كبير جدا ، كما يجرى شحن كميات كبيرة جدا من ذلك التمباك إلى مصر. البورى يندر استعماله فى الحجاز ، اللهم إلا من الجنود الأتراك والبدو ، والتبغ يأتى من مصر ، أو قد يأتى من سنار ، التى ينقل منها إلى سواكن. كمية صغيرة جدا من التبغ السورى الجيد هى التى تشق طريقها إلى مكان آخر غير البحر الأحمر.
تمتلئ المقاهى بالناس طوال النهار ، وأمام المقهى تقام تعريشة يجلس الناس تحتها أيضا. الغرف والمقاعد وكذلك الكراسى الصغيرة المنخفضة ، شديدة الاتساخ ، وبذلك تكون على النقيض تماما من مقاهى دمشق النظيفة والأنيقة. الأشخاص