بسبب هذا الظن. الفواكه المجففة سالفة الذكر تأتى كلها من أرخبيل جزر اليونان ، لكن باستثناء المشمش ، هذا المشمش يرسل من دمشق إلى سائر أنحاء الجزيرة العربية ، التى تعده نوعا من الترف ، وبخاصة بين البدو. والمشمش يجرى نزع بذوره وتحويله إلى عجينة ، ثم يجرى نشره على أوراقه إلى أن يجف فى ضوء الشمس ، وبذلك يتحول المشمش إلى نوع من المرق إذا ما أذيب فى الماء. الجنود الأتراك يعيشون خلال مسيرتهم فى سائر أنحاء الحجاز على البسكويت وعلى ثمرة المشمش.
أحد عشر دكانا لتجارة الحبوب ، ويمكن من هذه الدكاكين ابتياع القمح المصرى والشعير المصرى والفول المصرى وكذلك العدس المصرى وأيضا الذرة المصرية (*) وكذلك الأرز الهندى والأرز المصرى والبسكويت إلخ ، والدقيق (الطحين) الوحيد الذى يباع فى الحجاز حاليا يأتى من مصر. فى زمن السلم يزيد الاستيراد من اليمن إلى كل من مكة وجدة ، ومن نجد ومن المدينة المنورة أيضا ، ومع ذلك تظل الواردات من مصر الأكبر حجما ، ويمكن القول بحق إن الحجاز يعتمد على مصر اعتمادا كبيرا فى مسألة القمح. كانت تجارة القمح من قبل فى أيدى الأفراد ، وكان لا يجرى بيع أى شىء من القمح فى السويس أو القصير لأشخاص بعينهم ، نظرا لأن كل حبة من حبوب القمح كانت تشحن إلى جدة لحساب الباشا ، وهذا هو شأن كل المؤن والتموينات الأخرى ، وكذلك الأرز والزبد والبسكويت والبصل الذى يجرى استيراد كميات كبيرة منه. طوال مقامى فى الحجاز ، ونظرا لأن هذا البلد ينتج ما يكفيه ، كان الباشا يبيع الحبوب فى جدة بسعر يتراوح بين مائة وثلاثين قرشا ومائة وستين قرشا للإردب الواحد ، وقس على ذلك بقية المؤن والتموينات الأخرى ، الباشا يشترى إردب ،
__________________
(*) قد تأتى الذرة أيضا من سواكن التى تصل إليها من تاكة فى داخل النوبة ، كما تصل إليها أيضا ذرة صغيرة الحبوب من اليمن ليجرى بيعها هنا فى جدة.