فقط ، وإن ذلك جاء نتيجة للكساد التجارى على مستوى العالم من ناحية ، وتناقص رأس المال فى الليفانت من الناحية الأخرى ، وعلى قدر ما شاهدته فى جدة ، فإن الصفقات كلها تقريبا تكاد تكون بالنقد وليست بالأجل.
ثلاثة دكاكين تبيع مواعين من النحاس الأحمر ، إذ توجد فى كل مطبخ من مطابخ الجزيرة العربية تشكيلة كبيرة من الأوانى المصنوعة من النحاس الأحمر ، البدو أيضا لديهم غلاية من النحاس الأحمر فى كل خيمة من الخيام ، هذه الغلايات تأتى من مصر. أهم هذه المصنوعات النحاسية هو ما يسميه الناس الإبريق الذى يستخدمه المسلمون فى الوضوء ، ولا يمكن لأحد من الحجاج الأتراك الوصول إلى الحجاز دون أن يكون معه إبريق ، أو يشترى لنفسه واحدا من جدة فى أضعف الأحوال. توجد فى السوق أيضا بعض الأوانى النحاسية الصينية التى يجلبها أهل الملايو إلى جدة ، لكن هذه الأوانى النحاسية الصينية ليست مطروقة ، وعلى الرغم من أن خام النحاس يكون أفضل من مثيله فى الأناضول ، والذى يجلب من القاهرة ، فإنه لا يحظى برضا أهل جدة.
أربعة دكاكين للحلاقة. الحلاقون هم الجراحون والأطباء فى هذا البلد ، إنهم يعرفون كيف يستنزفون الدم ، كما يعرفون أيضا طريقة تركيب بعض الأدوية ، قلة قليلة من أهل الجزيرة العربية الذين لهم لحى أطول وأكثر كثافة من لحى إخوانهم المواطنين الآخرين يلاقون مصاعب كبيرة فى تشذيب تلك اللحى ، حتى لا تطول شعرة عن الأخرى ، الناس هنا يقصون شواربهم بصفة دائمة ، ولا يسمحون لشواربهم أن تلامس شفاههم ، وهم فى ذلك يختلفون عن أتراك الشمال ، الذين يندر أن يجعلوا المقص يضرب شواربهم الكثيفة. دكاكين الحلاقين يتردد عليها صعاليك الطبقات الدنيا الذين يلجأون إلى تلك الدكاكين لصيد الأخبار ، ولتسلية أنفسهم بالحوار والمناقشات. عثرت فى واحد من دكاكين الحلاقين على واحد من أولئك الذين يقطعون الأختام ، وكان فارسى الأصل ، كانت مهنة ذلك الرجل رائجة ؛ ذلك أن الحاج بعد أن ينتهى من زيارة الأماكن المقدسة يقوم بإضافة كلمة «الحاج» إلى ختمه.