الأسطول الهندى فى الميناء ترتفع قيمة الدولار ارتفاعا كبيرا جدا. عندما كنت فى جدة ارتفع سعر الدولار ليصل إلى اثنى عشر قرشا ، وبعد رحيل الأسطول الهندى وبعد أن يقل الطلب على الدولار ينخفض السعر. فى شهر يناير من العام ١٨١٥ الميلادى كان سعر الدولار تسعة قروش. تختلف قيم العملات الذهبية فى ضوء اختلاف قيمة الدولار.
فيما قبل كانت العملات المعدنية السائدة فى الحجاز هى السكوين البندقى والسكوين المجرى والدولار الإسبانى والنقود المسكوكة فى إسطنبول. كانت العملات المصرية كلها مستبعدة (*) ، لكن اعتبارا من وصول قوات محمد على باشا أصبحت كل عملات القاهرة المعدنية يجرى تداولها بطريقة قسرية ، يضاف إلى ذلك أن النقود الفضية المصرية تحتل المرتبة الثانية بعد الدولار الإسبانى. أساء باشا مصر ، الذى له حق سك النقود ، أساء مؤخرا استعمال هذا الحق ؛ فى العام ١٨١٥ الميلادى أصدر الباشا أوامر لدار سك النقود بسك مبلغ يقدر بحوالى ٧ ملايين قرش أى ما يعادل حوالى مائتى ألف جنيه إنجليزى ـ حسب سعر الصرف ـ ، وأجبر الناس على دفع ثمانية قروش نظير الدولار ، على الرغم من معرفة الجميع أن الدولار يساوى اثنين وعشرين قرشا أو ثلاثة وعشرين. فى الحجاز لم تكن لدى باشا مصر وسائل تمكنه من فرض إجراءاته التعسفية المستبدة ، وقد تصادف أن كان الدولار فى المناطق الداخلية من الحجاز ، التى تتمركز فيها القوات التركية ، يساوى ما يتردد بين ثمانية عشر قرشا وتسعة عشر. يزاد على ذلك أن البدو يرفضون التعامل بالقروش المصرية ، حتى لو انخفضت قيمتها ، ويرفضون قبول أى شىء سوى الدولارات ، هذا التصميم أجبر الباشا على الاستسلام أمامه فى كثير من الأحيان.
__________________
(*) نقلا عن مؤرخى مكة ، يبدو أن الأشراف كان لهم امتياز حق سك العملات الخاصة بهم تحت اسم سلطان إسطنبول ، كان ذلك فى أواخر القرن السابع عشر ، لكن هذا الامتياز لم يعد قائما فى الوقت الحالى.