يبدأ ممر ضيق يسميه الناس المزومين أو المضيق ، الذى يمر خلال الجبال لمدة نصف ساعة ينفتح المنظر بعدها على سهل عرفات ، وبعد مرور أربع ساعات وثلاثة أرباع الساعة ، مررنا فى ذلك السهل ، على خزان للماء يسميه الناس بير باسان ، وهو مبنى من الحجر ، وهناك مصلى صغير على القرب منه ، وفى هذه المنطقة تنفتح الأرض متسعة شمالا ويمينا. فى اتجاه الشرق أرى جبال الطائف ، وهذه هى المرة الأولى التى أرى فيها هذه الجبال بارتفاعها الكامل (*). بعد خمس ساعات وصلنا العلمين ، وهما عبارة عن هيكلين حجريين يقع كل واحد منهما على جانب من جانبى الطريق ، ويبعد كل هيكل منهما عن الآخر مسافة تقدر بحوالى مائتى خطوة ، ويتعين على الحجاج المرور بينهما فى الذهاب إلى عرفات وفى العودة على وجه الخصوص. هذان العلمان من الحجر الغشيم المدهون باللون الأبيض.
يقول الفاسى إن العلمين كانا ثلاثة لكن انهار منهم واحد ، ويقول أيضا إنه جرى بناؤها فى العام ٦٠٥ الهجرى ، ولم يتبق منها إلا حجر واحد كامل والثانى تحطم نصفه. بعد مرور خمس ساعات وربع الساعة مررنا وعن يميننا مسجد منعزل كبير يكاد يكون متحللا ، يسميه الناس جامع نمرة ، أو إن شئت فقل جامع (سيدنا) إبراهيم ، وقد بنى هذا الجامع بالشكل الذى هو عليه الآن السلطان قايتباى سلطان مصر. هنا كان جبل عرفات المنخفض عن يسارنا ، ويقع فى نهاية السهل ، ويبعد مسافة ميلين. واصلنا سيرنا فى السهل بدون توقف ، والسهل فى هذه المنطقة تغطيه
__________________
(*) أثناء عودتى من الطائف إلى مكة ، وعندما كنت سيدا لنفسى تماما ، دونت وصفا أكثر تفصيلا ودقة للطريق ، وذلك على العكس من الوصف الذى أوردته هنا ، لكن ضاعت منى الأوراق التى دونت فيها ذلك الوصف ، والوصف الذى أوردته هنا من الذكراة ، ومن الملاحظات المتعجلة التى دونتها وأنا فى طريقى إلى الطائف.