مكة ، يتعين عليهم ارتداء ملابس الإحرام قبل أن يلاحظهم أحد ، هناك حوض (خزان) صغير مهدم بالقرب من الطريق. والمعروف أن قافلة الحج اليمنى ، التى يسمونها الحج القبصى ، والتى يقع مسارها على طول هذه الجبال ، تلتزم دوما فى هذا المكان بمراعاة طقوس دخول مكة ، ومن ثم جرى ملء هذا الخزان بالماء كى يتوضأ منه الحجاج. يجلب مزارعو وادى محرم الماء من الآبار باستخدام دلاء من الجلد معلقة من أحد أطرافها بسلسلة من الحديد ، تنزلق حول بكرة ، ويعلقون فى الطرف الآخر بقرة ، تقطع ، فى ظل عدم وجود ساقية ، مسافة كافية بعيدا عن البئر لرفع الدلو من البئر ، ثم تعاد البقرة من جديد لاستئناف هذه العملية. الأبقار التى رأيتها هنا ، شأنها شأن أبقار الحجاز كلها ، صغيرة الحجم لكنها قوية البنية وشديدة ، قرون هذه الأبقار قصيرة ، ولها ختم على ظهرها فوق الكتفين مباشرة ، ويصل ارتفاعه إلى ما يقرب من خمس بوصات وطوله حوالى ست بوصات ، وهو فى ذلك يشبه أختام الأبقار التى رأيتها على حدود النيل فى بلاد النوبة. وعلى حد قول المواطنين فإن سلسلة الجبال التى تمتد من هنا إلى الناحية الشمالية ، إلى أن تصل إلى المنطقة التى تبدأ عندها مزارع البن ، تتقاطع معها وديان أخرى منزرعة عشبية بهذا الوادى ، لكنها منفصلة بعضها عن بعض ، ولكن المساحة الوسطية التى بين هذه الوديان عبارة عن تربة صخرية جرداء.
بعد وادى محرم بدأنا من جديد نعبر أرضا جبلية غير مستوية ، عثرت فيها على الحجر الرملى ونوع آخر من الصخور. أشجار السنط تنتشر هنا فى العديد من الوديان الرملية التى تتفرع من الطريق الرئيسى. بعد أن سرنا مدة ساعتين ونصف الساعة اعتبارا من مغادرتنا لوادى محرم صعدنا إلى قمة تل من التلال ، ومن تلك القمة شاهدت الطائف أمامنا. وصلنا الطائف بعد ثلاث ساعات ونصف الساعة من مغادرتنا لوادى محرم ، بعد أن عبرنا السهل الرملى القاحل الذى يفصل وادى محرم عن التلال المحيطة به. كان معدل سيرنا بدءا من مكة ، عندما كنا وحدنا تماما فوق إبلنا وعندما كان بوسعنا ضبط ذلك المعدل حسب هوانا ، لا يقل بحال من الأحوال عن ثلاثة أميال وربع الميل فى الساعة الواحدة ، وتأسيسا على ذلك فأنا أقدر المسافة من مكة إلى