فكان عبارة عن مجموعة من جلود الأغنام الصغيرة المخيطة بعضها إلى بعض ، وهو شبيه بالأغطية المستخدمة فى بلاد النوبة. أبلغنى هذلى أنه قبل مجىء الوهابيين ، وقبل إجبارهم هذيل على دفع إتاوة عن حقولهم ، لم يكونوا يعرفون أى نوع من أنواع الضرائب التى تفرض على الأراضى المنزرعة ، بل إنهم كانوا على العكس من ذلك يتلقون هدايا سنوية من الأشراف ومن أهل مكة الذين كانوا يمرون من ذلك الطريق قاصدين الطائف. تمتد رأس قورة من الشرق إلى الغرب حوالى ميلين ونصف الميل أو ثلاثة أميال تقريبا ، أما عرضها فيصل إلى قرابة الميل. وفى الاتجاه نحو الجنوب تقطن قبائل بدوية مثل هذيل تقوم بحرفة الزراعة فى أماكن سفوح الجبال ، وهى أرض لا تقل خصوبة ولا جمالا عن ذلك المكان الذى رأيناه فى سلسلة الجبال سالفة الذكر.
غادرنا رأس قورة ، التى ستظل ذكراها فى ذهنى طوال إحساسى بروعة المناظر الرومانسية ومباهجها ، وركبنا رواحلنا مدة ساعة عبر أرض جرداء غير مستوية ، فيها ارتفاعات وانخفاضات طفيفة ، إلى أن وصلنا منحنى شديد الانحدار ، استلزم سيرنا فيه حوالى نصف ساعة ، وصعود هذا المنحنى يتطلب ضعف هذا الوقت. الصخر كله هنا من الحجر الرملى. ومن قمة ذلك المنحنى سالف الذكر ، يستطيع الرائى مشاهدة الطائف من مسافة بعيدة. وبعد مسير نصف ساعة من سطح الجبل دخلنا واديا خصيبا يسمونه وادى محرم ، يمتد من الشمال الغربى إلى الجنوب الشرقى. هذا الوادى شأنه شأن المنطقة الأعلى منه ، عامر بأشجار الفاكهة ، لكن الحقول المنزرعة القليلة تروى من آبار ، وليس من أفلاج جارية. وهذه قرية من القرى التى أتى على أغلبها الوهابيون وخربوها ، تقع على المنحدر ، وفيها برج صغير بناه أهلها ليحفظوا فيه إنتاج حقولهم.
من هنا تبدأ حدود الطائف ، وحدود أراضى قبيلة ثقيف ، الذين كانوا فى الزمن الماضى فى حرب مستمرة مع جيرانهم هذيل. والوادى يسمى وادى محرم ، بحكم الظروف ، هذا يعنى أن الحجاج فى هذه المنطقة وـ كذلك ـ الزوار المتجهين شرقا إلى