وقد ذكر البيرونيّ أنّ تعريجات (١) الطّرق والتوائها بحسب الجبال والوعر وغير ذلك يكون الخمس بالتقريب ، فإذا كان بين البلدين خمسون فرسخا بحسب سير السائر فيكون على خطّ مستقيم أربعين فرسخا ، وعلى ذلك استخرجنا أطوال أماكن عدّة وعروضها بأن استخرجنا من مسافة الأيّام الفراسخ ومن الفراسخ الدرج وكل ذلك بالتقريب لا بالتحقيق.
وينبغي أن يعلم أنّ غالب ما ذكر من أطوال البلاد وعروضها غير صحيح وفيه غلط كثير ، وقد نصّ أبو الريحان البيرونيّ ، قال [٤١ ب] : ولم يتهيأ لي تصحيح جميعها ، وقد صحّحت ما أمكن منها ، ونحن قد نقلنا ما وصل إلينا مما قيل في ذلك مع علمنا بعدم (٢) صحّته ، لأن معرفة هذه الأماكن بالتقريب خير من الجهل بها بالكلّيّة فإنّ ما لا يدرك كله لا يترك كله ، ومما يدلّ على عدم صحّة ما ذكروه من الأطوال والعروض أنّ مثل أبي الريحان وهو الأستاذ في هذا الفنّ ذكر في القانون لدمشق وسلمية عرضا واحدا مع قطعنا بعدم صحّة ذلك ، لأنّ سلمية في جهة الشّمال عن دمشق بأكثر من درجة ، وربما نجد في كتابنا هذا طول بلد بعينه مختلفا وكذلك عرضه ، والعذر فيه أنني نقلت الأطوال والعروض من القانون للبيرونيّ ، ومن كتاب الأطوال والعروض للفرس ، ومن كتاب أبي سعيد المغربيّ ، ومن كتاب رسم المعمور وهو كتاب نقل من [اللغة](٣) اليونانية إلى اللغة العبرانية (٤) وعرّب للمأمون ، وهذه هي الكتب المعتمد عليها في هذا الفن ، وقلّما تتّفق هذه الكتب على عرض مكان بعينه أو طوله (٥) بل لا بدّ من الاختلاف فيها ، وقد نقلناه عن مجموع هذه الكتب وهي غير متّفقة فحصل في كتابنا اختلاف في
__________________
(١) الأصل : «تفريجات».
(٢) الأصل : «بعدهم» وفي (ب): «مع قطعنا بعدم».
(٣) ساقطة من الأصل.
(٤) في الأصل : «العبرية».
(٥) في الأصل : «طول».