الأبيض جدرها وأرضها ، فكان لباسهم فيها السواد من نصوع (١) بياض الرخام ، فمن قبل ذلك لبس الرهبان السواد ، وإذا كانت ليلة مقمرة يدخل الخياط الخيط في خرت (٢) الإبرة من بياض رخامها ، وقيل : بنيت الإسكندريّة ثلاثمائة سنة وسكنت ثلاثمائة سنة وخربت ثلاثمائة سنة ، ولقد مكثت الإسكندريّة سبعين سنة ما يدخلها أحد إلا وعلى بصره خرقة سوداء من بياض جصها ورخامها وبلاطها ، ولم يحتج أحد في تلك المدّة إلى السراج بالليل من ضيائها وبياضها ، قال : وقال العطاف بن خالد : كانت الإسكندريّة بيضاء تضيء بالليل والنهار ، وكان أهلها إذا غربت الشّمس لم يخرج أحد منهم من بيته ومن خرج اختطف. وكان منهم راع يرعى على شاطيء البحر ، فكان يخرج من البحر شيء [٥٣ ب] فيأخذ من غنمه ، فكمن له الراعي في موضع حتّى خرج فإذا جارية فتشبّث بشعرها ومانعته نفسها فقوى الراعي عليها فذهب بها إلى بيته فآنست بهم فرأتهم (٣) لا يخرجون بعد غروب الشّمس فسألتهم فقالوا من خرج منا أختطف فهيأت لهم الطلسمات في إبطال ذلك ، فكانت أوّل من وضع الطلسمات بالإسكندريّة.
أسنا (٤) : بفتح الهمزة وسكون السّين المهملة ثمّ نون وألف ، بلدة من الثّاني من الصعيد الأعلى ، وبها حمّامات وأسواق وهي بين أسوان وقوص في برّ الغرب ، وهي أقرب إلى قوص ، ولها نخيل وكروم ومزدرع. قال الإدريسيّ (٥) : إنّ أسنا من المدن القديمة من بناء القبط الأوّل ، وبها بقايا بنيان القبط وآثار عجيبة ، ومنها إلى أرمنت في الضفة الشّرقيّة مجرى يوم. في الأطوال : طولها نب عرضها كح ل. في
__________________
(١) في (س) و (ر): «مصبوغ».
(٢) في (س): «خرم».
(٣) في الأصل : «فرأتهم أنهم».
(٤) تقويم البلدان ١١٢ ـ ، وانظر : البلدان لليعقوبي ٣٣٤ ، معجم البلدان ١ : ١٨٩ وفيه بكسر الهمزة ، ومراصد الاطلاع ١ : ٧٦.
(٥) نزهة المشتاق ١ : ١٢٩.