وعن عظم قدرها ما لا يكاد أن يصدقه من سمعه. قال ابن خرداذبّة (١) : إنّ ثلاثة جوانب منها في البحر الشّرقي والجنوبي والغربي والجانب الشّماليّ يلي البرّ ، وطولها من الباب الشّرقي إلى الباب الغربي ثمانية وعشرون ميلا ، وعرض السور الداخل اثنا عشر ذراعا ، وسمكه اثنان وسبعون ذراعا ، وعرض السور الخارج ثماني أذرع (٢) وارتفاعه اثنان وأربعون ذراعا وأسواقها كلها مبنية مبلطة برخام أبيض وفيها كنيسة شبّهت (٣) ببيت المقدس ، وفيها كنيسة بنيت على اسم بطرس وبولس الحواريين ، ومن شرقيها إلى غربيها سوق يجري فيه لسان من البحر وتجري فيها السفن بحمولها فتجيء السفينة بما فيها حتى تقف على الحانوت للبيع والشراء ، وأوسع الوصف في ذلك وجاوز الحدّ. في العزيزيّ : سألنا كل من وجدنا سافر إليها عن هذه الصفات فأنكر أكثرها. قال الشريف الإدريسيّ (٤) : وبروميّة كنيسة عظيمة وامتداد جدار الكنيسة نحو ستمائة [١٢١ ب] ذراع في مثلها ، وهي مسقفة بالرصاص ومفروشة بالرّخام وفيها أعمدة كثيرة عظيمة ، وعلى يمين الداخل من آخر أبوابها حوض رخام عظيم للعبوديّة (٥) وفيه ماء جار أبدا ، وفي صدر الكنيسة كرسي ذهب يجلس عليه الباب وتحته باب مصفّح بالفضة يدخل منه إلى أربعة أبواب واحد بعد آخر ويفضي إلى سرداب فيه مدفون بطريس حواري عيسى عليه السلام ، ولهذه المدينة كنيسة أخرى مدفون فيها بولص وبحذاء قبر بطريس حوض رخام منقوش عظيم فيه فرش الكنيسة وستورها التي تزين بها في الأعياد ، وفي ركن من أركان الكنيسة وخارجا عنها عمود عظيم يشبه عمود
__________________
(١) المسالك والممالك ١١٣ ـ
(٢) وردت في جميع النسخ : «ثمانون ذراعا» وهو مخالف للصواب وما أثبتناه من المسالك لابن خرداذبة ونزهة المشتاق.
(٣) وردت في جميع النسخ : «سميت» وما أثبتناه من المسالك والممالك.
(٤) نزهة المشتاق ٢ : ٧٥١ ـ ٧٥٦.
(٥) في الأصل : «للمعموذية».