بصين بن يافث بن نوح عليه السلام ، والذي يحيط بالصّين من الغرب المفاوز التي بين الصّين وبين الهند ، ويحيط بها من جهة الجنوب البحار ، ويحيط بها من جهة الشّرق البحر المحيط الشرقيّ ، ويحيط بها من جهة الشّمال أراضي يأجوج ومأجوج وغيرها من الأراضي المنقطعة الأخبار عنّا. قال في خريدة العجائب (١) : إنّ أرض الصّين طويلة عريضة طولها من الشّرق إلى الغرب نحو ثلاثة شهور [١٥٠ ب] وعرضها من بحر الصّين إلى بحر الهند في الجنوب وإلى سد يأجوج ومأجوج في الشّمال ، وقد قيل إنّ عرضها أكثر من طولها وهي تشتمل على الأقاليم السبعة ، ويقال إنّ بها ثلاثمائة مدينة قواعد كبار عامرة سوى الرساتيق والقرى والجزائر ، وعندهم معدن الذّهب. وقال الهروي (٢) : أبواب الصّين اثني عشر بابا ، وهي جبال في البحر بين كلّ جبلين منها فرجة تصير إلى موضع بعينه من بلاد الصّين ، فإذا جاوزت السفينة تلك الأبواب جازت في بحر فسيح وماء عذب ، فلا تزال كذلك حتى تصير إلى المواضع التي تريد من بلاد الصّين. وأهل الصّين أحسن الناس سياسة وأكثرهم عدلا وأحذق الناس في الصناعات والنقوش والتصوير ما يعجز عنه أهل الأرض ، وأهل الصّين قصار القدود عظام الرؤوس ومذاهبهم مختلفة ، فمنهم مجوس وأهل أوثان وأهل نيران وعبّاد حيّات وغير ذلك ، ويحكى أنّ الملك عندهم إذا لم يكن له مائة زوجة ممهورة وألف فيل برجالها وأسلحتها لا يسمّى بملك ، وإذا كان للملك منهم عدّة أولاد ثمّ مات لا يرث ملك منهم إلّا أحذقهم بالنقش والتّصوير ، وأمّا صين الصّين فهو نهاية العمارة في المشرق وليس وراءه إلّا البحر المحيط ، وبهذه البلاد الحيوانات الغريبة الشكل مثل الفيل والكركند والزرافة والببر (٣) وغير ذلك من الصندل والعاج والآبنوس والكافور والخيزران والعطر وجميع الأفاويه.
__________________
(١) ابن الوردي ٥٢ ـ ٥٤.
(٢) لم نجده في كتاب الإشارات إلى معرفة الزيارات. وهذا النص مذكور في خريدة العجائب لابن الوردي نقلا عن الهروي.
(٣) في (س) و (ر): «المبير» وهو تصحيف ، والببر : السبع ، جمعها ببور (القاموس المحيط ٤٤٠).