الرسالة الثانية لأبى دلف ومكانتها
فى الأدب الجغرافى العربى
إذا كانت «الرسالة الأولى» تتضمن وصف رحلة واحدة معينة فإن الرسالة الثانية على حد تأكيد مؤلفها يجب أن تكون تكملة للأولى «وتجمع عامة ما شاهدته وتحيط بأكثر ما عاينته». (١)
ويرى المؤلف أن الغرض من تأليفه العلم والمنفعة «لينتفع به المعتبرون ويتدرب به أولو العزة والطمأنينة ويثقف به رأى من عجز عن سياحة الأرض» (٢).
والطابع الخلقى أو الروحى هو ما يتميز به كثير من مؤلفات العصور الوسطى لا سيما فى الأدب. وما فى الرسالة الثانية من ترويح فى موضوعها وحيوية فى عرضها وتلون أسلوبها قد قربها إلى الأدب الفنى بمقدار ما كان مؤلفها شاعرا وهذا شىء غير مستغرب.
ويبدو تكوين الرسالة كأنه طريق عدة رحلات يبدأ من مدينة «الشيز» فى جنوب اذربيجان ويمتد فى البداية إلى الشمال حتى مدينة «باكو» ثم إلى «تفليس» ومن هناك عبر «أردبيل» فى شهر زور وفى النهاية يسير بدرجة تقل أو تكبر إلى الشرق عبر كرمسين ـ همدان ـ رى ـ طبرستان ـ قومس ـ طوس ـ ينسابور إلى هيرات ثم بعد وصفها ينتقل أبو دلف إلى معالم أصفهان ومدن خوزستان وعندها ينتهى الكتاب. ومرارا ما يستدعى وصف أبى دلف تعبيرات مثل «ووصلت أو سرت ..» وتسير إلى ... وهكذا.
__________________
(١) انظر نص الرسالة ص ٦
(٢) نفس الصفحة.