بنى ساسان؟ فكثير مما فى القصيدة يمكن أن يعزى أو يفسر على أساس التعميمات الفنية والخيال الابتكارى للشاعر. لكن من الصعب أن نرى فى ذلك مجرد طريقة أو أسلوب أدبى. فما تكشفه القصيدة عن الشاعر من معلوماته الرائعة عن حياة ولغة بنى ساسان السرية يشهد على معيشته الطويلة الملتصقة بهؤلاء القوم.
وصلة أبى دلف بمئل هذا الوسط الاجتماعى الخاص الذى تولد عن أقطاع المدن فى العصور الوسطى فى الشرق الأدنى يلقى ضوءا ساطعا على حياة وأعمال هذا الشاعر ويجعل منه أحد الشخصيات الحية لهذه الفترة.
المصنفات الجغرافية «لأبى دلف ودراساتها»
فى كتب الجغرافيا العربية فى العصور الوسطى يمكن بوضوح تتبع انجاهين رئيسين : أحدهما رياضى أو فلكى والثانى وصفى. وأدى تطور هذين الاتجاهين فى الفترة من القرن الثانى عشر إلى الرابع عشر ، إلى ظهور مؤلفات تجميعية ذات طابع موسوعى أو معجمى ومن أشهرها معجم ياقوت الجغرافى (معجم البلدان).
وإلى جانب الأعمال الجغرافية المتخصصة التى ألفها أو جمعها العلماء الجغرافيون توجد مؤلفات ذات طابع وصفى وإليها تنتسب مختلف الرسائل والذكريات للرحالة ، وفيها يتحدثون عن حياة البلاد والمدن التى صادفوها على طريقهم. وفى المؤلفات التى من هذا النوع يغيب عادة الأسلوب المتبع فى كتب الجغرافيا وطرق تأليفها. وكثيرا ما يصادف فيها موضوعات خيالية ومعلومات جمعت بالسماع. لكن إلى جانب هذا تعطى هذه الكتب بعض المعلومات الهامة الصادقة والملاحظات الحية المضبوطة. وأصالة محتوى هذه المؤلفات عزز دورها