كلمة المحرر
إن هذه الطبعة «للرسالة الثانية» لأبى دلف يجب أن تدخل فى نطاق المعلومات العربية عن تاريخ الشعوب السوفيتية وهى الطبعة التى يرجع فضل المبادرة إليها إلى كل من بارتولد وكراتشكوفسكى. وقد كانت هذه الرسالة فى فهرس مخطوطات «مشهد» مع أربعة مؤلفات جغرافية عربية فريدة. وكان كشفها موضع تقدير حقيقى من هذين العالمين عند ما نشرت أول معلومات عنها. ففى سنة ١٩٢٤ أعد بارتولد مقالة وليدوف عن «مخطوط» مشهد «لابن الفقيه» (١) للنشر فى «أخبار المجمع العلمى الروسى». وفى بداية الثلاثينيات بعد موت بارتولد حاول كراتشكوفسكى الحصول على صورة فوتو غرافية لهذا المخطوط الهام. لكن لم يتسن للعلماء السوفيت إمكانية التعرف بمضمون المخطوط مباشرة إلا سنة ١٩٣٥ عند ما انعقد فى ليننجراد المؤتمر الدولى عن الآثار والفنون الإيرانية. وعندها أحضرت صورة فوتو غرافية لمخطوط «مشهد» كهدية للمجمع العلمى السوفيتى من وزارة المعارف العمومية الإيرانية. وبمبادرة من كراتشكوفسكى بدأ العمل بطبع «رسالة ابن فضلان» والجزء التركى من كتاب البلدان لابن الفقيه لكن لم يمتد العمل إلى رحلة أبى دلف حتى حلول عام ١٩٣٦. وقد عبر كراتشكوفسكى عن رغبته فى دراسة وطبع كلتا رسالتى أبى دلف وكانت العلاقة بينهما آنذاك ما زالت غير واضحة.
وقام كراتشكوفسكى بأول دراسة «للرسالة الثانية» لأبى دلف بمناسبة إعداد الإضافات اللازمة لنشر تراجم جوزى من المعجم الجغرافى لياقوت الذى ينسب إلى القوقاز. وأدى اهتمام كراتشكوفسكى إلى اجتذاب كمية هائلة من المعلومات عن
__________________
(١) أخبار المجمع العلمى الروسى «المسلسل السادس» سنة ١٩٢٤ ص ٢٣٧ ـ ٢٤٨.