ومن الواضح أن طريقة ترتيب أحداث الرحلة وسرد وقائعها وكذلك تلك التعبيرات الوصفية تبدو كلها أنها مجرد طريقة المؤلف فى الكتابة وعلى حد افتراض كراتشكوفسكى فإنه من الصعب أن نرى فى هذا الترتيب طريقا واضحا محددا للرحلة (١).
وفى نفس الوقت يجب الإشارة إلى أن بعض الأماكن الموصوفة فى «الرسالة» يشك فى أن أبا دلف قد زارها. ومن المحتمل أنه قلما عرف شيئا عن ديلم وخوارزم فهو لم يذكر عنهما معلومات كثيرة تفصيلية واكتقى بذكر وصف عام قصير وهو أمر يتناقض تماما مع حالات وصفه للأماكن التى يعرفها جيدا. وإن الشك فى زيارة أبى دلف شخصيا لبعض المدن والبلاد تستدعيه كلماته التى يعبر بها عن وصف معالم هذه الأمكنة مثل : «يقولون هناك يوجد ..» وبهذا الشكل يمكن استخلاص أن أبا دلف كان يستخدم أحيانا معلومات منقولة عن مصادر ثانوية من مختلف ناقلى الأخبار وبناء على «رسالته الأولى» فإن مثل هذا الأمر ليس بغريب عنه.
وفى الرسالة لا يذكر أحيانا بداية أو نهاية لنقط أو مراكز الرحلة فى الطريق الذى سلكه فيها وإنما مجرد انتقالات ترتبط فيما بينها ارتباطا ضعيفا. فهناك انتقال غير متوقع من معالم ارمينيا العامة الذى سبق وصف مدينة «ارارات» إلى شهر زور بل وأكثر من هذا من نيسابور إلى اصفهان. وهنا يجب أن نضيف أيضا عدم وجود الترتيب الزمنى. فعند وصف حوادث شهر زور يذكر أبو دلف تاريخ ٣٤١ / ٩٥٢ ـ ٥٣ ، ثم بعد ذلك يذكر أنه كان فى «كرمسين» فى عام ٣٤٠ / ٩٥١ ـ ٥٢. وهذا يعزز القول بأن هذا الكتاب
__________________
(١) كراتشكوفسكى : الرسالة الثانية ص ٢٩٢.