ينظر الجالس عليه إلى عدة فراسخ وبيده سيف مجرد ، فمنى نظر إلى خيل من بعض الجهات لمع بسيفه فأنجفلت مواشى أهلها وعواملهم إليها. وفيها مسجد جامع. وهى مدينة منصورة يقال أن داود وسليمان عليهماالسلام دعوا لها ولأهلها بالنصرة فهى ممتنعة أبدا عمن يرومها ويقال إن «طالوت» كان منها وبها واستنصر بنو اسرائيل وذلك أن جالوت خرج من المشرق وداود من المغرب فأيده الله عليه. وهذه المدينة بناها «دارا بن دارا» (١) ولم يظفر الاسكندر (٢) بها ولا أقام أهلها له الدعوة ولا تملكها المسلمون ولا فتحوها وإنما دخل أهلها الاسلام بعد اليأس من طاعتهم. والمتغلبون عليها من أهلها إلى اليوم يقولون إنهم من ولد طالوت وأعمالها متصلة بخانقين وبكرخ «جدان» (٣). وكرخ «جدان» مخصوصة بالعنب «السونايا (٤) وقلة رمد العين والجدرى. ومنها إلى خانقين يعترض نهر تامرا (٥). وبخانقين عين للنفط عظيمة كثيرة الدخل وبها قنطرة على واديها عظيمة الشأن تكون أربعة وعشرين طاقا. كل طاق يكون عشرين ذراعا. عليها جادة خراسان إلى الكوفة ومكة وينتهى الطريق إلى طريق قصر «شيرين» (٦) [وبها] ابنية شاهقة يكل الطرف عن تحديدها
__________________
(١) أى دارا الثالث (٣٣٦ ـ ٣٣٠ ق. م).
(٢) هو الاسكندر المقدونى (٣٥٦ ـ ٣٢٣ ق. م).
(٣) مكان بين شهر زور والعراق (ياقوت : ج ٤ ص ص ٢٥٥ ـ ٢٥٦
(٤) اسم قرية ظهر مكانها فيما بعد حى أو محلة فى بغداد تعرف بالعتيقة ومنه جاءت تسميته نوع من العنب الأسود يتقدم ويبكر على سائر العنب. (انظر ياقوت : ج ٣ ص ١٩٧.
(٥) تسمية عادية لنهر «ديال» انظر كراتشكوفسكى : شهر زور ص ٢٩٦ ملاحظة ٤ مع اشارة لمصادر أخرى.
(٦) تسمية تطلق على مجموعة مبانى ساسانية ومحطة على طريق خراسان الكبير