وأجاز له شيوخه هؤلاء إلا القونوى ، ففى إجازته عندى الآن شك.
وأجاز له باستدعاء الحافظ عماد الدين بن كثير ـ مؤرخ بذى الحجة سنة ست وعشرين وسبعمائة ـ إبراهيم بن محمد بن عبد المحسن الغرافى ـ بغين معجمة وراء وألف وفاء ـ من الإسكندرية ، ومن مصر عبد الله بن محمد بن أبى القاسم القزوينى ، وعلى بن عمر الوانى ، وعلى بن إسماعيل بن قريش ، ويوسف بن عمر الختنى ، ويونس بن إبراهيم الدبوسى والقاضى بدر الدين بن جماعة ، والحافظان : قطب الدين الحلبى ، وأبو الفتح بن سيد الناس ، والمحدث سراج الدين عبد اللطيف السعودى ، وجمع كثير من أصحاب النجيب الحرانى ، وابن عزون ، والمعين الدمشقى وغيرهم ، تقدم ذكر جماعة منهم فى ترجمة الشريف أبى الفتح الفاسى وغيرهم ، وحدث بجميع مسموعاته ، وبأكثرها غير مرة ، ولم يفتنى منها ـ بحمد الله ـ إلا أكثر كتاب قرى الضيف ، نعم فى سماعى للخامس من أمالى المحاملى نظر. وسمع منه جماعة من شيوخنا المحدثين ، وأصحابنا من المحدثين والفقهاء ، منهم : شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، وحدث عنه فى معجمه ، وأول ما حدث بدمشق فى عشر التسعين وسبعمائة ، ثم حدث بالحرمين وحلب وطرابلس ، وكان أسند من بقى فى الدنيا مع حسن الفهم لما يقرأ عليه ، وله إلمام بمسائل فقهية ، وربما يستحضر لفظ «التنبيه» إلا أنه صار بأخرة يتمحل كثيرا ، ويرد ما لا يتجه رده ، وربما أخطأ فى الرد ، ولذلك سبب ، وهو أنه كان علق بذهنه فى حال القراءة عليه كثيرا من الأحاديث وبعض الأحاديث المختلفة الألفاظ ، وهو لم يحفظ إلا لفظا واحدا. فإذا قرأ القارئ الحديث الذى لا يحفظ لفظه ، أنكر عليه ولا يقنع منه بدون أن يقرأ ما يحفظ. وقال : هكذا سمعناه. وهذا مما عيب عليه ، وإنما كان ذلك عيبا لأمرين :
الأول : أن الاحتجاج بلفظ السماع ، إنما هو لليقظ الواعى فى وقته. وليس هو بهذه الصفة.
الثانى : أنه يلزم من قراءة ما يقوله ، أن يدخل فى الرواية ما ليس منها ؛ لأنه قد يكون للحديث راويان ، كل منهما رواه بلفظ ، والقارئ له باللفظين يدخل فى رواية كل منهما ما ليس فيها ، وهو محذور ، وإنما يحسن قراءة الحديث بألفاظه ، إذا كان من رواية واحد أو اثنين فصاعدا ، مع بيان لفظ كل راو.
وكان ـ رحمهالله ـ بأخرة ، شديد الحرص على أخذ شىء على التحديث ، وأخذ خطه بالإجازة أو التصحيح ، وهو معذور فى ذلك ، فإنه كان قد احتاج.