الملك الجواد [....](٣) على أن أعطاه دمشق ، وعوضه عنها سنجار وعانة ، ثم توجه الملك الصالح قاصدا للديار المصرية ، ليأخذها من أخيه الملك العادل أبى بكر بن الملك الكامل.
فلما وصل إلى نابلس (٤) أقام بها مدة ، ثم تفرق عنه عسكره إلى دمشق ، لينظروا فى حالهم ، لما بلغهم ، أن عمه الصالح إسماعيل صاحب بعلبك (٥) ، استولى على دمشق غيلة ، بموافقة الملك المجاهد أسد الدين شير كوه صاحب حمص.
ولما انفرد الملك الصالح أيوب بنابلس ، لم يشعر إلا بابن عمه الملك الناصر داود بن عبد الملك المعظم صاحب الكرك ، قد فجأه وقبض عليه. وكان الملك الصالح فى نفر يسير من غلمانه وأتباعه. واعتقل الملك الناصر الملك الصالح بالكرك ، ثم أفرج عنه ، لما بلغه أن أمراء الديار المصرية ، طلبوا الملك الصالح نجم الدين ليولوه الديار المصرية ، بعد قبضهم على أخيه الملك العادل ، والملك الكامل.
وكان قبضهم على العادل ، فى يوم الجمعة ثامن ذى القعدة سنة سبع وثلاثين ستمائة.
وكان إفراج الملك الناصر عن الملك الصالح ، فى شهر رمضان من السنة المذكورة ، واجتمع هو والملك الناصر ، وساروا إلى الديار المصرية ، ودخلا القاهرة فى الساعة الثانية من يوم الأحد ، رابع عشرى ذى القعدة سنة سبع وثلاثين وستمائة. وأدخل الملك العادل فى محفة ، وحوله جماعة كثيرة من الأجناد يحفظونه ، من خارج البلد إلى القلعة ، واعتقله بها عنده فى داخل الدور السلطانية ، وبسط العدل فى الرعية ، وأحسن إلى الناس ، وأخرج الصدقات ، ورمم ما تهدم من المساجد. وسيرته طويلة.
ثم إنه أخذ دمشق من عمه الملك الصالح إسماعيل ، فى سنة ثلاث وأربعين وستمائة. ومضى بعد ذلك إلى الشام ، ثم رجع وهو مريض ، وقصد الفرنج دمياط (٦) ، وهو مقيم
__________________
(٣) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.
(٤) نابلس : مدينة مشهورة بأرض فلسطين بين جبلين مستطيلة لا عرض لها ، بينها وبين بيت المقدس عشرة فراسخ. انظر : (معجم البلدان ، نابلس).
(٥) بعلبك : مدينة قديمة بينها وبين دمشق ثلاثة أيام ، وقيل : اثنا عشر فرسخا من جهة الساحل. انظر معجم البلدان (بعلبك).
(٦) دمياط : مدينة فى البلاد المصرية على ساحل البحر قريبة من تنيس إليها ينتهى ماء النيل. انظر : الروض المعطار ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، الإدريسى ١٥٧.