بأشموم (٧) ينتظر وصولهم. وكان وصولهم إليها يوم الجمعة العشرين من صفر ، سنة سبع وأربعين وستمائة ، وملكوا بر الجزيرة يوم السبت ، وملكوا دمياط يوم الأحد ؛ لأن جميع أهلها ، والعسكر تركوها وهربوا منها.
وانتقل الملك الصالح من أشموم إلى ناحية المنصورة ، ونزل بها وهو فى غاية من المرض. وأقام بها على تلك الحال ، إلى أن توفى هناك ، ليلة نصف شعبان من السنة المذكورة ، وحمل إلى القلعة الجديدة التى فى الجزيرة ، وترك فى مسجد هناك ، وأخفى موته مقدار ثلاثة أشهر ، والخطبة باسمه ، إلى أن وصل ولده الملك المعظم توران شاه ، من حصن كيفا (٨) فى البرية إلى المنصورة. فعند ذلك أظهروا موته. وخطب لولده المذكور ، ثم بعد ذلك بنى له بالقاهرة إلى جنب مدرسته تربة ، ونقل إليها فى شهر رجب سنة ثمان وأربعين وستمائة.
وكانت ولادته رابع عشرى جمادى الآخرة سنة ثلاث وستمائة ، وأمه جارية مولدة سمراء ، اسمها ورد المنى ، رحمهالله. انتهى من تاريخ ابن خلكان بالمعنى ، ولم يذكر ملكه لمكة.
لكنى وجدت فى بعض التواريخ ، أن عسكر الملك المنصور ، صاحب اليمن لم يزل بمكة ، حتى خرجوا منها فى سنة سبع وثلاثين وستمائة ، لما وصل الأمير شيحة ، صاحب المدينة ، إلى مكة فى ألف فارس من جهة صاحب مصر ، ثم إن السلطان نور الدين جهز ابن النصيرى والشريف راجح إلى مكة فى عسكر جرار. فلما سمع بهم شيحة وأصحابه ، خرجوا من مكة هاربين ، فتوجه شيحة إلى مصر ، قاصدا صاحبها الملك الصالح نجم الدين أيوب ، فجهز معه عسكرا ، فوصلوا إلى مكة فى سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، وحجوا بالناس.
فلما كانت سنة تسع وثلاثين ، جهز السلطان نور الدين جيشا كثيفا إلى مكة. فلما علم بهم العسكر الذى بمكة ، كتبوا إلى ملكهم صاحب مصر يطلبون منه النجدة ، فأرسل إليهم مبارز الدين على بن الحسين بن برطاس ، وابن التركمانى ، فى مائة
__________________
(٧) أشموم : اسم لبلدتين بمصر يقال لإحداهما أشموم طناح وهى قرب دمياط وهى مدينة الدقهلية ، والأخرى أشموم الجريسان بالمنوفية. انظر معجم البلدان (أشموم)
(٨) حصن كيفا : ويقال كيبا ، أظنها أرمنية ، وهى بلدة مشرفة على دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر. انظر : معجم البلدان (كيفا).