وبويع ابن المعتز ، وكتب الكتب إلى الأقاليم بخلافته ، وأمر المقتدر بالتحول من دار الخلافة فأجاب ، ثم تحصن هو وخواصه بدار الخلافة فحصروا فيها.
ثم خرج خواصه على حمية وحملوا على ابن المعتز ، فانهزم غالب من حوله. وقصد ابن المعتز سامرّا ليبرم أمره بها ، فما تبعه أحد من الجند ، وخذل ، ثم أسر ، ثم قتل سرا.
واستقام أمر المقتدر ، ووزر له ابن الفرات فنشر العدل ، وقام بأعباء الملك. واشتغل المقتدر باللعب ، ثم خلع المقتدر فى محرم سنة سبع عشرة وثلاثمائة ، بأخيه القاهر بالله محمد ، وبويع بالخلافة بعد أن أشهد المقتدر بخلع نفسه ، ثم ثار عليه جماعة من الجند ، فقتلوا حاجبه وغيره من خواصه ، وأتوا بالقاهر يجرونه إلى المقتدر فأكرمه ، وقال : أنت لا ذنب لك.
والقاهر يقول : الله الله يا أمير المؤمنين فىّ. فقال : والله لا تؤذى ، وجددت الطاعة للمقتدر ، واستمر إلى أن قتل فى شوال سنة عشرين وثلاثمائة ، فى حرب كان بينه وبين مؤنس الخادم ، وحمل رأسه إليه. فبكى مؤنس ، وأظهر الندم. وقال : والله لنقتلن كلنا ، فقتل فيما بعد ، وسلب المقتدر بعد قتله حتى بقى مهتوكا وستر بالحشيش ، ثم حفر له وطموه ، وعفى أثره كأن لم يكن.
وكانت خلافته خمسا وعشرين سنة إلا الأيام التى خلع فيها بابن المعتز وأخيه القاهر.
وكان مسرفا مبذرا للمال ، ناقص الرأى ، أعطى جارية له الدرة اليتيمة ، وزنها ثلاثة مثاقيل ، وما كانت تقوّم. وقيل إنه محق من الذهب ثمانين ألف ألف دينار ، وعاش ثمانيا وثلاثين سنة.
ذكرناه فى هذا الكتاب ، لما صنع فى أيامه من المآثر بمكة. وهى زيادة دار الندوة وآبار الزاهر ، وبعض الآبار المعروفة بالعسيلة ، كما ذكرناه فى كتابنا شفاء الغرام ومختصراته.
٨٨٥ ـ جعفر بن أحمد بن محبوب بن المنهال بن مطر بن دينار بن عبد الله الربعى المكى :
ابن مريم بنت الحسين بن عمران بن عيينة.
سمع من أبى عبد الله محمد بن جعفر المعقرى فى سنة خمس وخمسين ومائتين ، وروى عنه.