وكانت فى صفر من سنة إحدى عشرة ، فاقتضى رأى الشريف حسن بن عجلان أن يفوض إمرة المدينة لعجلان بن نعير أخى ثابت ، وكان قد تزوج ابنة عجلان موزه ، فاستدعاه إلى مكة ، وفوض إليه إمرة المدينة ، فى آخر ربيع الآخر من السنة المذكورة. وجهز ابن عجلان إلى المدينة الشريفة ، عسكرا مع ابنه السيد أحمد بن حسن ، وتوجه عجلان بن نعير إلى المدينة من مكة على طريق الشرق ودخلها العسكران فى النصف الثانى من جمادى الأولى منها ، بعد خروج جماز بن هبة منها بأيام.
وكان من خبره ، أنه لما بلغه عزله عن المدينة ، عمد بعد أيام قليلة ، إلى المسجد النبوى ، وكسر القبة التى فيه ، هى حاصل الحرم ، وأخذ ما فيها من قناديل الذهب والفضة.
وكان شيئا كثيرا على ما قيل ، وثيابا كثيرة كانت معدة لتكفين الأموات وغير ذلك. وتوجه منها قبل دخول العسكرين بأيام ، وتبعه طائفة من العسكرين فلم يدركوه. ولم يزل معزولا حتى توفى ، فى جمادى الآخرة من سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، بيّته بعض الأعراب وقتله.
وكان وصل لعجلان بن نعير ، بإثر قدومه إلى المدينة ، توقيع من صاحب مصر بإمرة المدينة ، عوض أخيه ثابت بحكم وفاته ، بشرط رضى الشريف حسن بن عجلان بذلك. ودامت ولايته إلى أن وصل الحاج الشامى إلى المدينة ، فى العشر الأخير من ذى القعدة سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، ثم زالت ولايته فى هذا التاريخ ؛ لأن آل جماز ابن هبة حاربوه فى هذا التاريخ ، وهجموا عليه المدينة ، فاختفى فى زى النساء ، فظفروا به فى قلعتها ، وسلموه لأمير الحاج الشافعى ؛ لأنه ساعدهم على حربه ، بإشارة أمير الركب المصرى. وحمل إلى مكة ، وسلم بها إلى أمير الحاج المصرى بيسق ، فاحتفظ به وكاد أن ينهزم ، ثم فطن له ، فاحتفظ به أكثر من الاحتفاظ الأول ، ثم أطلق بإشارة صاحب مكة.
وولى المدينة عوضه سليمان بن هبة بن جماز بن منصور ، أخو جماز المقتول. ودامت ولايته إلى أن قبض عليه بالمدينة النبوية بعد الحج ، لسوء سيرته ، فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة خمس عشرة وثمانمائة. وقرر أمير الحاج المصرى بيبغا المظفرى عوضه فى إمرة المدينة ، ابن أخيه غرير ـ بغين معجمة وراءين مهملتين بينهما ياء مثناة من تحت ـ بن هيازع بن هبة ، وحمل سليمان وأخوه محمد ، محتفظا بهما إلى مصر ، فسجنا بها.
ومات سليمان مسجونا بالقاهرة ، سنة سبع عشرة وثمانمائة ، وحمدت سيرة غرير. ودامت ولايته ، إلى أن هرب فى ذى الحجة سنة تسع عشرة وثمانمائة ، متخوفا من القبض عليه ، وعاد عجلان إلى إمرة المدينة ، ودخلها فى العشر الأخير من ذى الحجة سنة تسع عشرة.