ثم عزله. وولى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب ، ثم عزل عبد الرحمن وأعاد الحارث ، فمنعه ابن الزبير الصلاة ، فصلى بالناس مصعب بن عبد الرحمن بن عوف. انتهى.
وقال الزبير بن بكار : كان يزيد بن معاوية استعمله على مكة ، وابن الزبير يومئذ بها قبل أن يظهر حزب يزيد بن معاوية. فمنعه ابن الزبير الصلاة بالناس فكان يصلى فى جوف داره بمواليه ، ومن أطاعه من أهله. ولم يزل معتزلا لابن الزبير حتى ولى عبد الملك ابن مروان ، فولاه مكة ، ثم عزله ، فقدم عليه دمشق ، فلم ير عنده ما يحب ، فانصرف عنه. وقال فى ذلك شعرا. انتهى.
ووجدت فى حاشية نسختى من «الجمهرة» لابن حزم ، عند ذكره للحارث بن خالد هذا : «كانت بنو مخزوم كلهم زبيرية سوى الحارث بن خالد ، فإنه كان مروانيا. فلما ولى عبد الملك بن مروان الخلافة عام الجماعة ، وفد إليه فى دين كان عليه ، وذلك فى سنة خمس وسبعين. قال مصعب فى خبره ، بل حج عبد الملك فى تلك السنة ، فلما انصرف دخل معه الحارث إلى دمشق ، فظهرت له منه جفوة ، وأقام ببابه شهرا لا يصل إليه ، فانصرف عنه وقال فيه (١) [من الطويل] :
صحبتك إذ عينى عليها غشاوة |
|
فلما انجلت قطعت نفسى ألومها |
[ومابى وإن أقصيتنى من ضراعة |
|
ولا افتقرت نفسى إلى من يضيمها |
عطفت عليك النفس حتى كأنما |
|
بكفيك بؤسى أو عليك نعيمها] |
الأبيات الثلاثة (٢).
وأنشد عبد الملك الشعر ، فأرسل إليه من رده من طريقه ، فلما دخل عليه قال : يا حار ، أخبرنى عنك : هل رأيت عليك فى المقام ببابى غضاضة وفى قصدى دناءة؟ قال : لا والله يا أمير المؤمنين ، قال : فما حملك على ما قلت وفعلت؟. قال : جفوة ظهرت لى ، كنت حقيقا بغيرها. قال : فاختر ، إن شئت أعطيتك مائة ألف درهم ، أو قضيت دينك ، أو وليتك مكة سنة ، فولاه إياها. فحج بالناس وحجت عائشة بنت طلحة ، وكان يهواها ، فأرسلت إليه : أخر الصلاة حتى أفرغ من طوافى ، فأمر المؤذنين فأخروا إقامة الصلاة حتى فرغت من طوافها ، وجعل الناس يصيحون به ، فلا والله ما قام إلى الصلاة حتى فرغت.
__________________
(١) الأبيات فى الأغانى ٣ / ٣١٤.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل ، أوردناه من هامش الأغانى ٣ / ٣١٤.