الناس وهم على طعام يأكلون. فقال لهم : ما منعكم أن ترحلوا برحيل أمير المؤمنين؟ فقالوا: يا ابن اللّخناء ، انزل وكل معنا. فقال لهم : هيهات ، ذهب ما هنالك ، ثم أمر بهم ، فجلدوا بالسياط ، وطوفهم فى العسكر ، وأمر بفساطيط روح بن زنباع فأحرقت بالنار.
فدخل روح بن زنباع على أمير المؤمنين عبد الملك باكيا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، الحجاج بن يوسف الذى كان فى عديد شرطى ، ضرب غلمانى وأحرق فساطيطى ، قال : علىّ به. فلما دخل عليه ، قال : ما حملك على ما فعلت؟ قال : أنا ما فعلته يا أمير المؤمنين ، قال : ومن؟. قال : أنت والله فعلته ، إنما يدى يدك ، وسوطى سوطك ، وما على أمير المؤمنين أن يخلف لروح بن زنباع الفساطيط أضعافا ، والغلام غلامين ، ولا يكسرنى فيما قدمنى له ، فأخلف لروح بن زنباع ما ذهب له ، وتقدم الحجاج إلى منزلته. انتهى.
ثم إن عبد الملك بن مروان بعد فراغه من قتال مصعب بن الزبير ، واستيلائه على العراق ، فى سنة اثنتين وسبعين من الهجرة ، بعث الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة.
قال ابن جرير : وكان السبب فى توجه الحجاج دون غيره فيما ذكروا ، أن عبد الملك لما أراد الرجوع إلى الشام ، قام إليه الحجاج بن يوسف فقال : يا أمير المؤمنين ، إنى رأيت فى منامى أنى أخذت عبد الله بن الزبير فسلخته ، فابعثنى إليه وولنى قتاله. فبعثه فى جيش كثيف من أهل الشام ، فسار حتى قدم مكة. وقد كتب إليهم عبد الملك بالأمان ، إن دخلوا فى طاعته ، ونزل الطائف. وكان يبعث البعث إلى عرفة فى الحلّ ، ويبعث ابن الزبير بعثا ، فيقتتلون هنالك ، وكل ذلك تهزم خيل ابن الزبير ، وترجع خيل الحجاج بالظّفر ، ثم كتب الحجاج إلى عبد الملك يستأذنه فى حصار ابن الزبير ، ودخول الحرم عليه ، ويخبره أن شوكته قد كلّت ، وتفرق عنه عامة أصحابه ، ويسأله أن يمده برجال. ثم قال : وكتب عبد الملك إلى طارق ، أن يلحق بمن معه من الخيل بالحجاج ، فسار فى خمسة آلاف من أصحابه ، حتى لحق بالحجاج.
وكان قدوم الحجاج إلى الطائف ، فى شعبان سنة اثنتين وسبعين. فلما أهل ذو القعدة ، وصل الحجاج من الطائف ، حتى نزل بئر ميمون ، وحصر ابن الزبير ، وحج بالناس فى هذه السنة ، وابن الزبير محصور.
وكان قدوم طارق ، هلال ذى القعدة. انتهى كلام ابن جرير.
وذكر ابن الأثير فى كامله : أن طارقا ، هو مولى عثمان بن عفان ، وأن عبد الملك