فأمضى له شرطه ودخل مكة ، واجتمع بالسيد حسن بمنزله بأجياد فأحسن ملاقاته ، ولم يجتمعا بعد ذلك ، وسلم إليه سلاحه عند سفره من منى.
وما حج السيد حسن ولا غالب عسكره فى هذه السنة ، وحج قليل من أهل مكة خائفين ، وذهب للناس أموال كثيرة وجرحوا ، ولو لا كف السيد حسن أصحابه عن إذاية الحجيج لكثر عليهم العويل والضجيج.
وتأخر فيروز عن الحجاج بمكة ، لقبض ما التزم به السيد حسن من الخدمة. وذلك ألف زكيبة للسلطان غير ما لفيروز ، ومضى بعد أيام إلى جدة ، فشحنت الزكائب بحضوره ، ووصلت سالمة إلى الطور ، ثم إلى مصر. ويقال إنها بيعت فيها بخمسين ألف مثقال.
وفى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، ودى السيد حسن الإمام أبا الخير بن الشيخ أبى اليمن الطبرى من عنده ، وسلم الدية دراهم إلى ورثته وإخوته ؛ لأن بعض مماليكه ـ فيما قيل ـ طعن أبا الخير ليلا ، وهو لا يشعر به لظنه حراميّا ، فمات لوقته.
وكان قتله فى صفر ، وتسليم ديته فى ربيع الأول فى سنة ثلاث عشرة.
وفيها فى ربيع الآخر ، وصل إليه تشريف من صاحب مصر ، فلبسه فى العشرين من الشهر المذكور.
وكان جهز إليه مع نجّابه أحمد بن خليل ، فقتل فى الطريق. ووصل إليه ذلك مع بعض رفقته.
وفيها وصل له من صاحب بنجالة السلطان غياث الدين هدية طائلة ، ومن وزيره خان جهان. ووصل إليه كتاب السلطان بأن يعين رسوله ياقوت الغياثى فيما ندبه له من عمارة مدرسة بمكة ، وشراء وقف لها. فباع منه دارين متلاصقتين مجاورتين للمسجد الحرام ، صارتا مدرسة للسلطان غياث الدين بعد هدمهما وأنشأ عمارتهما. وباع منه أيضا أصيلتين بالرّكانى وأربع وجاب من عين الرّكانى ، ليكون ذلك وقفا على المدرسة ، وما رضى فى ذلك إلا باثنى عشر ألف مثقال. فسلم إليه شاشات عوضا عن ذلك ؛ لأنه لم يعذره. وأخذ منه أيضا شيئا كان معه لعمارة عين عرفة ، على أن يتولى هو ذلك.
وكان السلطان المذكور قد ندب حاجى إقبال مولى خان جهان بصدقة لأهل المدينة ، وهدية لأميرها جمّاز. فإنه لم يكن سمع بعزله ولا موته ، وكان موته بإثر نهبه للمدينة