وفى آخر هذه السنة ، أخذ من العفيف عبد الله بن أحمد الهبّى خمسة آلاف مثقال على ما قيل ، عوضا عن بيت شعر بعثه لصاحب اليمن ، لما طلب ذلك منه صاحب اليمن. وما كان عوّضه عن ذلك؟.
وفى سنة إحدى عشرة ، عمّر دورا عدة فى المكان المعروف بدار عيسى ، وكان المتولى لأمر عمارتها الحراشى ، وكانت قبل عمارتها براحا متسعا مملوءا بالأوساخ ، حتى صار كالمزبلة.
وفى سنة اثنتى عشرة وثمانمائة ، وصل الخبر إلى مكة ، بأن صاحب اليمن أمر بحبس الجلاب عن مكة غضبا على حسن ، بسبب ما أخذه من سفيره العفيف عبد الله الهبّى. فشق ذلك على السيد حسن ، فأغراه الحراشى بغزو اليمن ، وقال له : أنا أقوم بجهازك ، وأجمع لك الرجال من اليمن. فتحرك لذلك ، ثم أشير عليه بالملاطفة ، فمال إليها ، وبعث الشبيكىّ إلى اليمن رسولا يعتذر ، ويلتزم عنه بما يطيب الخاطر ، وهدية للترك ، فقبل ذلك السلطان ، وأذن للناس فى السفر فقدموا. ولكن دون العادة.
وفى هذه السنة ، وصل إليه خلعة من صاحب مصر ، فلبسها فى شعبان.
وفيها تغير صاحب مصر على السيد حسن ، فرسم بالقبض عليه وعلى ابنيه ، وعزلهم والاحتفاظ بهم ، وأسرّ ذلك إلى أمير الحاج المصرى الأمير بيسق ، فاستعد لحرب المذكور ، وحصل مدافعا وسلاحا كثيرا ، ثم سعى عند السلطان فى تقرير المذكورين فى ولايتهم ، على أن يخدمه السيد حسن بما يليق بمقامه. فأجاب إلى ذلك ، وبعث إليهم بالعهد والخلع مع خادمه الخاص فيروز السّاقى.
وكتب إلى أمير الحاج المذكور بالكف عن محاربتهم ، وكان قد أعلن بينبع أنه يريد حرب حسن ، وكان حسن قد استعد لحربه لما بلغه الخبر فى عاشر ذى القعدة ، وما انقضى شهر ذى القعدة إلا وعنده ـ فيما بلغنى ـ نحو ستمائة فرس وأربعة آلاف من الأعراب ، غير بنى حسن والمولدين والعبيد. وبينما الناس فى كرب لهذا الحال ، أتاهم من اللطف ما لم يخطر لهم ببال ، وذلك أنه وصل من أخبر بوصول فيروز ، وما معه من العهد والخلع للمذكورين.
وما كان غير قليل ، حتى وصل فيروز فألبس المذكورين الخلع السلطانية ، وقرئ عهدهم بالولاية ، وسعى عند السيد حسن لأمير الحاج فى دخول مكة والإغضاء عنه ، فأجاب سؤاله على أن يسلم أمير الحاج ما معه من السلاح ، فأجاب إلى ذلك أمير الحاج ، على أن يعاد إليه سلاحه عند سفره.