البر ، وركب الضعفاء منهم البحر ، واجتمعوا بحلى ، وكان السيد حسن بعد دخول رميثة إلى مكة ، أمر بعمارة سور باب المعلاة ، وباب الماجن ، لتخلل البناء فيهما ، وقصّر جدريهما ، فعمّرا حتى كملا بالبناء ، غير موضع فى سور باب المعلاة ، فإنه متخلّل من البناء ، ولكن الذى تحته مهواة ، وارتفع جدرانهما.
وكان الحجاج من اليمن فى هذه السنة كثيرين ، ومعهم متاجر كثيرة ، ومقدمهم القاضى أمين الدين مفلح ، فجباهم غلمان السيد وعنّفوا بهم. وكانوا يتوسلون فى التخفيف عنهم بالقاضى أمين الدين. فيتكلم لهم ولا يجدى كلامه فتأثر لذلك. ومضى على ذلك إلى اليمن ، فلقى رميثة بحلى فأكرمه وأزال كثيرا من ضروراته ، وكتب إلى مولاه الملك الناصر يخبره بخبره ، وسأله فى كرامته ، فسر الملك الناصر بقدوم رميثة ، وأمر بتلقيه وإكرامه حتى انتهى إليه ، فرأى من السلطان ما سره.
وكان قد تجدد فى نفس السلطان حنق على السيد حسن وشكر ، لكونه لم تصل إليه العشرة الآلاف المثقال ، المقررة له فى كل سنة عن مال ابن جميع ، ولا قيمة ما بعث به من الطعام إلى مكة مع شكر.
وكان ما قرره لرميثة مدّ طعام فى كل يوم ، وهو أربع غرائر مكية ، وخمسون دينارا جددا ، غير المقرر لهم من التمر فى أيام النخل ، وهو قلّ أن ينفصل عن السلطان وقت الأكل ، وطلع مع السلطان إلى تعزّ ، ونزل معه إلى زبيد ، وتوجه منها إلى مكة بعد أن أحسن له السلطان بذهب جيد ، وإبل وطعام وكسوة. فوصل فى رمضان من سنة سبع عشرة إلى وادى الأبيار ، ونزل بها على ذوى حميضة ، وما سهل ذلك بعمه ، وهمّ بمحاربتهم ، ثم سعى الناس فى الصلح بينهم على مائتى ألف درهم يسلمها حسن لرميثة ، ويكون لحسن جبا الجلاب الواصلة فى هذه السنة ، وأن يكون الفريقان سلما إلى انقضاء العشر الأول من المحرم سنة ثمانى عشر وثمانمائة ، فرضيا بذلك. وضمن على كلّ منهما جماعة أصحابه. فما حصل فى ذلك خلل منهما.
وكان السيد حسن بعد توجه ابن أخيه إلى اليمن ، عاد إلى مكة بعد مقامه مدة بالعدّ وجدة ، وتوجه إلى الشرق ، وتلاه بنو حسن يرجون المنافع منه ، فتعذر منهم ، وراحوا بغير طائل. فشق عليه ذلك ، وأخذ من أهل الطائف وليّة القطعة التى قررها عليهم ، وعاد إلى مكة بعد أن أقام بالشرق مدة ، وأتاه وهو بمكة كتاب السلطان المؤيد صاحب مصر ، يخبره فيه بقتله لأعدائه ، نوروز الحافظى ومن تبعه ، وعوده إلى مصر منصورا.