للوداع ، لم يتمكنوا من الخروج من أسفل مكة ، بإغلاق باب الشّبيكة دونهم ، فخرجوا من باب المعلاة ، وتأثر أعيان الحجاج لذلك ، فكان كذلك من الأثر ما يأتى ذكره.
وفى ليلة رابع عشر المحرم سنة ثمانى عشرة وثمانمائة ، قبض السيد حسن على القاضى كمال الدين موسى بن جميع ، والخواجا بدر الدين المزلق ، والشهاب أحمد العينى ، وكيل الخواجا برهان الدين بن مبارك شاه ، وضيق عليهم حتى أرضوه بما شرط من المال ، فأخذ من ابن جميع ما يساوى سبعة آلاف مثقال ، ومن ابن المزلق ما يساوى ثلاثة وثلاثين ألف افرنتيا ، ومن العينى ما ظهر من مال موكله ، ثم أطلقهم متعاقبين ، ابن جميع أولا فى أول صفر ، وابن المزلق فى آخره ، وتلاه العينى.
وفى آخر المحرم أو صفر من السنة المذكورة ، ورد إلى جدة القاضى مفلح بما فى صحبته من المراكب والطراريد والمؤلفات والجلاب فاستقوا من جدة بمعاونة رميثة. وأخذ منهم الزالة ومضوا إلى ينبع.
وكان حسن يرغب فى أن يعينه بنو حسن على منع المراكب من السّقية بجدة فما أعانوه ، وعاد رميثة بعد سفر الجلاب من جدة إلى الجديد. وأقام به إلى شعبان من سنة ثمانى عشر.
وفى سادس عشر ربيع الأول منها ، وصل إليه الخبر بولايته لإمرة مكة ، عوض عمه وابنيه.
وكان عمه بمكة ، فرغب فى أن يعينه بنو حسن على حرب رميثة قبل أن يصل إليه المدد من مصر ، فما أعانوه ، فمضى إلى الشرق ، وترك ابنيه فى البلد ، وشكرا مولاه ، وجماعة من أصحابه ، ثم إن القواد العمرة استدعوه من الشرق ، وأطمعوه بنيل أربه من محاربة ابن أخيه ومن معه ، ومضى إليه بعض كبارهم لإحضاره إليهم ، فوصل إلى مكة فى سلخ جمادى الأولى ، وهم بالمسير من فوره إلى الوادى ؛ لأن ابن أخيه كان نازلا بالجديد من الوادى ، فما طله الذين استدعوه ، وآخر الأمر أنهم لم يوافقوه على المسير إلا بشىء جيد يأخذونه منه ، فلم يسمح به ، فعاد إلى الشرق ثانيا فى أول العشر الوسط من رجب من السنة المذكورة.
وأقام به مدة ، وذهب من هناك إلى المدينة النبوية ، فزار جده المصطفى صلىاللهعليهوسلم ، وعاد إلى مكة وتوجه إلى جدة ، فأزال منها رميثة وأصحابه. وكانوا قد أقاموا بها بعد رحيلهم من الوادى ، واندفع رميثة إلى جهة الشام.