رَبِّكَ لَواقِعٌ) [الطور : ٦ ، ٧] وفيهم أغراب سيفنا عن صرفه ، فصرف نفسه ولم يتقو على الصرف بمانع ، وتحقق أنه فعل فاحشة وظلم نفسه ، فذكر الله تعالى واستغفر لذنبه ، واستجار بقوله تعالى : (وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا) [التغابن : ١٤] إلى آخر الآية.
فرأينا العفو أليق به ، وعلى كل حال فهو شريف ، ورتبته فى الشرف رفيعة. وقد تاب من ذنبه ، وطمع فى أن يكون المقام الأحمدىّ شفيعه ، والتزم بالتوصل إلى رضا الخواطر الكريمة عليه ، وبردّ الأمانات إلى أهلها ، ليفوز بالتفات العواطف الناصرية إليه ، وأقسم بالبيت العتيق ، أن يتقرب إلى المقام بإخلاص جديد. وقال : كل أحد يعرف أن الحنوّ الأحمدى على الحسن غير بعيد. انتهى.
وأما ما كتب به الملك الناصر فى هذا المعنى فهو :
وأما الإيماء إلى الصفح عن الشريف بدر الدين ، فما كان إلا صديقا صدوقا ، ورفيقا رفيقا. ثم بدا له فى ذلك ، فأخذ ينقض غزل تلك الصداقة بعد القوة ، ويحل عرى ذلك الرفق عروة عروة ، ويحدث على التجار كل عام حادثة ، وكلما تضجروا من واحدة أتبعها بثانية وثالثة ، حتى تواصلت بشكواه الألسنة ، فأردنا إيقاظه من هذه السنة ، بأن ينقل موسم التجار إلى ينبع ، وأن يشحن المراكب بالمقاتلة ، صيانة لها عن التتبع ، ليعلم أن العدل هدى وعمارة ، وأن الجور خراب وخسارة.
ولما حصلت الإشارة الشريفة بتلافى ما فرط منه ، وتدارك ما صدر عنه ، أرسل ولده وشرط على نفسه هذه الشروط الصادرة ، وقد تحاملنا له فيها على التجار لتطييب خاطره ، فإن زيادتها على ما كان يأخذه سلفه منهم ظاهرة. وأردنا أن يكون تمام ما بدا به المقام الشريف على يديه ، ويعرف ما شرط على نفسه لينفذه ويقضى به عليه. فقد رضينا جميعا بأن يكون هو الحاكم ، والآخذ على يد الظالم. وحتى يعلم من يحور بعد الكور ، ويركب مطيّة الخلف والجور ، ويسأله كتب منشور عن المرسوم الشريف ، يعتصم به السفراء والتجار عند الحاجة إليه ، ويشار فيه إلى أمير الحاج أن يكون فى الوفاء به شاهدا وحاكما عليه ، فما يتقض أمر أبرمته عنايته ، ولا يضل سالك أرشدته هدايته. انتهى.
وكتاب صاحب اليمن ، من إنشاء أديب اليمن وفاضله ، القاضى شرف الدين إسماعيل بن أبى بكر ، المعروف بابن المقرى ، وهو مؤرخ برمضان أو شوال من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، وكتاب صاحب مصر من إنشاء الأديب البارع تقى الدين أبى بكر بن على بن حجّة الحموىّ. وهو مؤرخ بالمحرم سنة عشرين وثمانمائة.