وفى اليوم الأول من ربيع الآخر من سنة إحدى وعشرين وثمانمائة ، توجه السيد حسن من مكة قاصدا للشرق ، وعدل إلى صوب الطائف ، فخرب أماكن بلقيم ، والعقيق ، ووجّ ، من وادى الطائف ، خرابا كثيرا ، وهدم حصنا لعوف بليّة. وسبب ذلك ، توقف أهل الأماكن المشار إليهم ، عن تسليم ما قرره عليهم من القطعة لزيادتها على العادة ، مع ما هم فيه من ضيق الحال ، بسبب الجناية التى أخذها منهم فى العام الماضى ، ومع ذلك فما وسع أهل الأماكن المشار إليها ، إلا استعطافه وتسليم ما رضيه ، واتهموا جويعد بن نمير صاحب أبى الأخيلة ، بأنه أغرى بهم فى ذلك الشريف حسن بن عجلان. فلما عاد الشريف حسن من الشرق إلى مكة ، خادعوا جويعد واستحضروه إليهم بقرية السلامة ، ومنعوه الخروج من المنزل التى اجتمعوا فيه ، وقصد طائفة كثيرة منهم حصنه أبا الأخيلة فأخربوه خرابا فاحشا ، ثم أطلقوه سالما فى بدنه.
وفيها وصل من صاحب مصر إلى الشريف حسن عدّة كتب ، منها كتاب فى حادى عشرى ربيع الأول ، فيه إعلامه بقوة عزم السلطان على الحج فى هذه السنة ، وأمره بتسليم ما وصل من الغلال إلى جدة ، ونقل ذلك إلى مكة ، والاحتفاظ بذلك.
وفيه مطالبة بعشرة آلاف مثقال ، بقيت عنده من الثلاثين الألف المثقال ، التى التزم بها للخزانة الشريفة ، لما سأله العود إلى إمرة مكة.
ومنها كتاب آخر فيه إعلامه بتفويض أمر بيع الغلّة إلى علاء الدين القائد ، لإعراض السلطان عن الحج ، وفيه العتب عليه لكونه لم يرسل مع علاء الدين بالعشرة الآلاف المثقال.
وكان وصول ذلك إليه فى آخر ذى القعدة وهو بجدة ، وحضر إلى مكة قبل هلال ذى الحجة بليلة أو ليلتين ، وحضر لخدمة المحمل المصرى ، وتردد لأمراء الحاج والأعيان بمكة ومنى ، وأقام بمكة إلى تاسع عشرى ذى الحجة.
وتوجه إلى جدة عند توجه الناس إليها لليمن. وأقام بجدة أياما كثيرة ، وتوجه منها بعد سفر أكثر الناس ، ووصول الطيّب ابن مكاوش سفير صاحب اليمن ، وى تابة فيها حمل للسلطان وغيره. وقصد صوب اليمن ناحية الخريفين. وجاوز ذلك وراسل صاحب حلى محمد بن موسى بن أحمد عيسى الحرامى ، فى أن يزوجه أخته ، ورغب فى أن تزفّ إليه ، فأجابه إلى تزويجها بشرط حضوره إليهم ، فأعرض عن الحضور إليهم ، ولم يأت مكة إلا فى الحادى عشر من ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة.