وكان ابتداء القراءة فى يوم الجمعة خامس شعبان ، وفيه صلى عليه بعد الجمعة ، واستمرت القراءة لأجله إلى صبيحة يوم الأحد الرابع عشر من شعبان. وكان يحضر للقراءة مع الناس مرات كثيرة.
وفى ليلة منتصف شعبان ، حضر مع الناس بالمسجد الحرام ، وقرأوا ختمة للسلطان الملك المؤيد ، ودعى له عقيب ذلك ، وكتب بذلك مكتوبان. ولما تكلف لخدمة أمراء الحاج فى موسم هذه السنة ، استدان لأجل ذلك من التجار والمتسببين ، وبعث عقيب الحج رسولا وهدية ببعض الأشياء المذكورة ، إلى صاحب الشرق الملك شاه رخ بن تمر لنك. وأوصى شيخنا العلامة شمس الدين بن الجزرى السابق ذكره ، برعايته فى ذلك كثيرا ، فأجابه لقصده.
وكان ابنه السيد أحمد بن حسن ، قد توجه فى آخر العام الماضى مع قافلة عقيل ، فبلغ هرموز وعاد بغير طائل مع قافلة عقيل ، قبيل التروية من هذه السنة.
وفى يوم الاثنين ثانى عشر شهر ربيع الأول من سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، وصل إلى مكة تشريفان له ولابنه السيد زين الدين بركات ، وعهد يتضمن تفويض إمرة مكة إليهما ، وتاريخ هذا العهد ، مستهل صفر سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، وهذا العهد مكتوب عن الملك المظفر شهاب الدين أبى السعادات أحمد بن الملك المؤيد ، والمنفذ له وللتشريفين ، مدبّر دولته المقر الأشرف السيفى نظام الملك ططر ؛ لأن الملك المؤيد حصل له فى شوال من العام الماضى ضعف خيف عليه منه ، فعهد بالسلطنة لابنه المشار إليه وله دون سنتين.
وجعل الأمير ألطنبغا القرمشى أتابكه. فكان القرمشى مجردا فى جماعة من أعيان الأمراء والعساكر ببلاد الشام لحفظها من قرا يوسف التركمانى ، والمجهز لهم الملك المؤيد فى رمضان من سنة ثلاث وعشرين ، وجعل حين عهده لابنه جماعة من الأمراء الحاضرين عنده بالقاهرة ، ينوبون عن القرمشى إلى حين حضوره. وحصل للسلطان بعد ذلك عافية ، فتوجه للبحيرة وعاد منها عليلا. واستمر حتى مات فى بكرة يوم الاثنين ، ثامن المحرم من سنة أربع وعشرين وثمانمائة.
واتفق أعيان الدولة على أن يكون المقر الأشرف ططر ، مدبرا للأمور لخصاله المشكورة ، وفوض ذلك له الخليفة المعتضد داود بن المتوكل العباسى ، أخو المستعين بالله أبى الفضل العباس بن المتوكل ؛ لأنه أقيم فى الخلافة بعد اعتقال أخيه المستعين