وذكر أنهما يقومان للخزانة الشريفة بالعشرة الآلاف المثقال المطلوبة منه عند ولايتهما ، وأنهما أولى بالإمرة منه ، لقوتهما ولضعف بدنه وحبّه للعبادة ، وذكر أنه لم يأخذ موجبا من المتاجر السلطانية ، وأنه لم يشتر ما اشتراه من الحب والتمر فى العام الماضى بقصد احتكاره ، وإنما اشتراه لحاجته إليه لنفقته ونفقة عسكره.
فلما رأى اضطرار الناس باعه عليهم ، فكان فى خزنه لذلك وبيعه نفع للناس ، وإلى آخر السنة لم يأته جواب عن كتابه. وتوجه عقيب كتابه فى آخر صفر ، لصوب حلى ، فبلغها وتلقاه صاحبها محمد بن موسى إلى الحسبة ، وبنى فى حلى بأخت محمد بن موسى المذكور ، وتوجه بها معه إلى مكة ، فبلغها فى خامس رجب ، وقد سبقه إليها فى مستهل رجب ، شيخنا العلامة المفنن عمدة المقرئين : شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد ابن محمد بن على بن يوسف بن الجزرى الدمشقى الشافعى ، قاضى القضاة بمملكة شيراز (٥) ، أدام الله به النفع وعامله باللطف ، فإنه توجه من شيراز مريدا للحج فى العام الماضى ، فعرض له بنو لأم بقرب عنيزة (٦) ، فنهبوا ما معه من التحف التى استصحبها هدية لأعيان أهل الحرمين. وتأخر بعنيزة لتحصيل كتبه وترقيع حاله. فلما ظفر بكتبه ، توجه قاصدا للمدينة النبوية ، فنهبه بعض بنى حسن ثانيا.
وتوصل إلى المدينة النبوية فى صفر من هذه السنة ، فأقرأ بها القرآن والعلم ، وأسمع الحديث ، وتوجه منها فى جمادى الآخرة إلى ينبع ، وركب من هناك البحر إلى جدة ، وتوصل منها إلى مكة. ففعل بها ما فعله بالمدينة ، من إقراء القرآن والعلم والإسماع ، وحضر إليه الشريف حسن وبعض أولاده وأعيان غلمانه ، وسمعوا على شيخنا المذكور شيئا من الحديث ، وقصيدة مدح بها السيد الشريف حسن بن عجلان. أولها [من الطويل] :
سلام كنشر المسك فى السر والعلن |
|
يضوع على من وجهه كاسمه الحسن |
وصار يقيم وقتا بمكة ووقتا بأماكن من بواديها ، ولما حضر الحجاج المصريون إلى مكة ، وافاهم وخدم المحمل المصرى على العادة ، وراعى مصالح الحجاج بحراستهم ، ولما بلغه موت الملك إبراهيم بن الملك المؤيد صاحب مصر ، أمر بالصلاة عليه والقراءة لأجله.
__________________
(٥) شيراز : بلد عظيم مشهورة معروف مذكور ، وهو قصبة بلاد فارس. انظر : معجم البلدان (شيراز).
(٦) عنيزة : هى موضع بين البصرة ومكة. انظر : معجم البلدان (عنيزة).