وصحبتهم السيد على بن عنان إلى القاهرة ، وتخلف الأمير أرنبغا ، رأس نوبة الأشرفى ، ومعه مائتا مملوك بمكة المشرفة ، فهو باشى العسكر والحاكم عليهم.
وفى رابع عشر فى المحرم سنة تسع وعشرين وثمانمائة ، وصل السيد حسن بن عجلان إلى القاهرة ، بعد أن أمر السلطان أعيان الدولة من أمرائه ومباشريه ، بتلقيه وإعزازه وإكرامه ، فلما حضر بين يدى السلطان ، أنعم عليه بالخلع والإنعامات ، وقدم له كل واحد من أركان الدولة التقاديم والضيافات ، وأهدوا له الخيول المسومة والسروج المغرقة.
وكان يوم دخوله يوما مشهودا ، وفرح به السلطان وأكرمه ، وأقبل عليه إقبالا كليا.
فلما كان فى سابع عشرى المحرم ، ويقال فى العشرين من جمادى الأولى ، سنة تسع وعشرين ، قرره السلطان فى إمرة مكة ، والتزم بثلاثين ألف دينار ، وبعث عبده زين الدين شكرا ، إلى مكة لحفظ ساحل جدة ومتحصلها ، ولتجهيز العسكر المقيم بها ، فوصل شكر إلى مكة ، وجهز العسكر وباشتهم الأمير أرنبغا إلى الديار المصرية ، ثم رسم السلطان للسيد حسن بالتوجه إلى مكة وجهزه. فبرز ثقله خارج القاهرة ، فاعترض له الضعف ، فعاد إلى القاهرة ، ومكث بها أياما يسيرة ، ثم توفى فى ليلة الخميس سابع عشرى جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وثمانمائة ، وصلى عليه من الغد ، ودفن بالصحراء بحوش زمام السلطان الملك الأشرف برسباى ، فأرسل السلطان نجّابة بمراسيم إلى الشريف بركات وأخيه إبراهيم ، فى أثناء السنة ابنى الشريف حسن بن عجلان ، يتضمن حضورهما إلى الأبواب والتأكيد فى ذلك ، وأنهما إن لم يحضرا كلاهما أو أحدهما ، يخرج عنهما السلطان البلد إلى غيرهما. فتجهز السيد بركات وأخوه إبراهيم فى أثناء السنة ، وخلفا بمكة أخاهما السيد أبا القاسم يحفظها ، وبجدة زين الدين شكر ، يحفظ متحصلها ، فحفظا ذلك حتى عادا حفظا حسنا.
وكان دخولهما إلى القاهرة فى ثالث عشرى رمضان ، وحضرا بين يدى السلطان ، فأكرمهما وخلع عليهما ، وفوضت إمرة مكة للشريف بركات فى سادس عشريه ، على أن يقوم بما تأخر على والده ، وهو مبلغ خمسة وعشرين ألف دينار ، غير خمسة دفعها قبل موته ، وعاهد السلطان بين الأخوين بالطاعة وعدم المخالفة بينهما ، وخلع عليهما ، وتجهزا إلى مكة ، فسافرا فى حادى عشرى شوال ، فوصلاها فى أول العشر الأوسط من ذى القعدة ، وقرئ عهد الشريف بركات بالولاية ، ولله الحمد](٧).
__________________
(٧) ما بين المعقوفتين مكانه بياض فى الأصل قدره ثلاث ورقات وقد كتب مكانه بخط مختلف ، وما أوردناه من كتاب إتحاف الورى بأخبار أم القرى لابن فهد.