يحلفوا له ليكون هو الأمير بعد أخيه قتادة ، فحضر الحسن عنده ، واجتمع إليه كثير من الأشراف والمماليك الذين لأبيه. فقال حسن لعمه : قد فعلت كذا وكذا ، فقال : لم أفعل ، وأمر حسن الحاضرين بقتله ، فلم يفعلوا ، وقالوا : أنت أمير وهذا أمير ، ولا نمدّ أيدينا إلى أحدكما ، فقال له غلامان لقتادة : نحن عبيدك فمرنا بما شئت ، فأمرهما أن يجعلا عمامة عمه فى حلقه. ففعلا ثم قتله. فسمع قتادة الخبر ، فبلغ منه الغيظ كل مبلغ ، وحلف ليقتلن ابنه.
وكان على ما ذكرنا من المرض ، فكتب بعض أصحابه إلى الحسن يعرفه الحال بقوله : ابدأ به قبل أن يقتلك ، فعاد الحسن إلى مكة.
فلما وصلها قصد دار أبيه فى نفر يسير ، فرأى على باب الدار جمعا كثيرا ، فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ففارقوا الدار وعادوا إلى مساكنهم ، ودخل الحسن إلى أبيه.
فلما رآه أبوه شتمه وبالغ فى ذمه وتهديده ، فوثب إليه الحسن فخنقه لوقته ، وخرج إلى الحرم الشريف ، وأحضر الأشراف وقال : أن أبى قد اشتد مرضه ، وقد أمركم أن تحلفوا لى على أن أكون أنا أميركم ، فحلفوا له ، ثم أنه أحضر تابوتا ودفنه ليظن الناس أنه مات ، وكان قد دفنه سرا.
فلما استقرت الإمارة بمكة له ، أرسل إلى أخيه الذى بقلعة الينبع على لسان أبيه يستدعيه ، وكتم موت أبيه عنه.
فلما حضر أخوه قتله أيضا واستقر أمره وثبت قدمه ، وفعل بأمير الحاج ما تقدم ذكره ، فارتكب أمرا عظيما ، قتل أباه وعمه وأخاه ، لقد باع دينه بدنياه ، وذلك فى أيام يسيرة ، لا جرم لم يمهله الله تعالى ، ونزع ملكه وجعله طريدا شريدا خائفا يترقب. انتهى.
وذكر ابن سعيد المغربى مؤرخ المغرب والمشرق ، شيئا من خبر حسن بن قتادة هذا ، لم أره إلا فى كتابه ، فنذكره لما فيه من الفائدة ، ونص ما ذكره بعد أن ذكر شيئا من خبر قتادة : وارتفعت فيه الأيدى بالدعاء ، فقتله الله تعالى على يد ابنه حسن بن قتادة ، واطأ جارية كانت تخدم أباه ، فأدخلته ليلا عليه.
قال الزّنجانى مؤرخ الحجاز ، وكان وزيرا لأبى عزيز : وإخوته وأقاربه يزعمون أنه قتل أباه خنقا ، واستعان بالجارية المذكورة وغلام له فى إمساك يديه. ثم قتلهما بعد ذلك لئلا يخرج الخبر من قبلهما ، وزعم للناس أنهما قتلا أباه ، وقعد فى مكان أبيه والعيون