ناصر الدين محمدا وشهاب الدين أحمد ، إلى الأبواب السلطانية بهذا الخبر ، فوصلا إلى السلطان فأنعم عليهما وجهز الأمير ركن الدين من توجه لإحضار سلب حميضة ، والمملوكين اللذين بقيا معه ، فأحضر السلب وأحد المملوكين ، وقيل : إن الثالث مات ، وهو مملوك الأمير سيف الدين بكتمر الساقى ، فألزم صاحبه نخلة بإحضاره وتوعده إن تأخر ، فأحضره ، واستمر الأمير ركن الدين بمكة ، إلى أن عاد الجواب السلطانى بطلبه ، فتوجه من مكة شرفها الله تعالى ، فى مستهل شعبان ، وصحبته المماليك الثلاثة ، الذين كانوا قد هربوا.
وكان وصوله إلى الأبواب السلطانية ، فى العشر الأول من شهر رمضان. فلما وصل ، شمله الإنعام والتشريف ، فأمر السلطان بقتل أسندمر قاتل حميضة ، قودا به ، فى شوال من السنة. انتهى.
وقال صاحب المقتفى فى أخبار سنة عشرين وسبعمائة : وفى هذه السنة ، قتل الأمير عز الدين حميضة بن الأمير الشريف أبى نمى صاحب مكة. وكان قد خرج عن طاعة السلطان ، وولى السلطان بمكة أخاه سيف الدين عطيفة ، وبقى هو فى البرّية ، والطلب عليه ، وأهل مكة خائفون من شره ، وكان شجاعا قامعا لأهل الفساد ، وكان فى السنة الماضية ، سنة حج السلطان ، هرب من مماليكه ثلاثة ، ولجأوا إلى حميضة ، ثم إنهم خافوا من دخوله فى الطاعة ، وأنه يرسلهم إلى حضرة السلطان ، فقتلوه.
وتوجهوا فى وادى بنى شعبة ، وحضروا إلى مكة ، فقيد الذى تولى القتل منهم ، وأرسل إلى الديار المصرية فاعتقل ، ثم قتل فى شوال. انتهى.
وذكره الذهبى فى ذيل سير النبلاء ، فقال : كان فيه ظلم وعنف ، ثم قال : وقتل كهلا.
وذكر اليافعى فى تاريخه : أنه رأى فى المنام قبيل قتل حميضة ، كأن القمر فى السماء قد احترق بالنار. قال : وأظنه سقط إلى الأرض. انتهى. وهذه مزيّة.
وذكر اليافعى : أن حميضة كان يقول : لأبى خمس فضائل : الشجاعة ، والكرم ، والحلم ، والشعر ، والسعادة. فالشجاعة لعطيفة ، والكرم لأبى الغيث ، والحلم لرميثة ، والشعر لشميلة ، والسعادة لى ، حتى لو قصدت جبلا لدهكته. انتهى
وللأديب موفق الدين علىّ بن محمد الحنديدى من قصيدة يمدح بها الشريف حميضة ابن أبى نمى ، هذا أولها [من الخفيف] :