جابر ، متوجها لقصده ، بلغه أن بنى عمه أولاد ثقبة ، بانوا عنه ، وحالفوا عليه بعض بنى حسن من ذوى عبد الكريم ، فأعرض عن قصده ، وبعث إلى مكة فرسانا لصونها ، وكشف عن خبرهم ، فبلغه أنهم توجهوا صوب وادى نخلة ، وأنهم لقوا فى طريقهم سليمان بن راشد أحد تجار مكة وابنه حسب الله ، واختطفوهما وذهبوا بهما معهم إلى الشرق وساروا فى أثرهم إلى أن بلغ سولة (٢) بنخلة اليمانية ، فأشير عليه بالمقام هناك ، وأن يبعث إليهم فرسانا لاستنقاذ ابن راشد وابنه ، فبلغتهم فرسانه وهم فى كثرة وغفلة ، فأوهموهم أنه فى الأثر ، ففروا وظفروا أصحاب أحمد بابن راشد وابنه ، وعادوا بهما إليه ، ورجع أحمد بعد ذلك إلى مكة ، ثم توصل بنو عمه إلى نخلة ومعهم أفراس عديدة ، فقصدهم بعض بنى حسن ، وأوهمهم أنه يصل إليهم جماعة من بنى حسن لميلهم إليهم ، حنقا على أحمد بن عجلان ، وبينما هم على ذلك ، وإذا بخيل أحمد بن عجلان قد دهمتهم مع عسكره ، ففر بنو ثقبة ، وما سلمت أرواحهم إلا بجهد وقبض على بعض جماعتهم ، وأعانهم على ذلك أنهم ظفروا بطليعة ذوى ثقبة ، فلم يتيقظوا لأصحاب أحمد ، ورجع عسكره إلى مكة ، ولمّ بنخلة خوفا من البيات بها ، بعد أن كان أجمع على ذلك ، ثم توصل بنو عمه المشار إليهم إلى مصر ، بعد قتل الأشرف شعبان صاحب مصر ، وكتب لهم القائمون بعده إلى أحمد بن عجلان بملاطفتهم وإكرامهم ، ورسموا لهم بأن يصرف لهم فى كل سنة ستين ألف درهم ، وقالوا لهم : إذا لم يرض عزلناه ، وأحسنوا إليهم بشىء يتجهزون به.
فوصلوا إلى أحمد وأعلموه الخبر ، فلاطفهم وأرضاهم فيما رسم لهم به ، وتوالفوا مدة ، ثم حصل كدر فى نفسه منهم ، ومن عنان بن مغامس بن رميثة ، ومن أولاد مبارك بن رميثة ، لميلهم عليه مع صاحب حلى (٣) ؛ لأن أحمد بن عجلان رغب فى أن يزيده صاحب حلى فى العادة التى جرت بأن يسلمها إليه صاحب حلى ، فلم يوافق على الزيادة لعظمها ، واستعان عليه بالقواد العمرة ، فما أفادوه ، فاستعان القواد بعنان ، وبنى
__________________
ـ الأصبغ السّلمى : الصفراء قرية كثيرة النخل والمزارع وماؤها عيون كلّها ، وهى فوق ينبع مما يلى المدينة وماؤها يجرى إلى ينبع. انظر : معجم البلدان (الصفراء).
(٢) سولة : قلعة على رابية بوادى نخلة تحتها عين جارية ونخل ، وهى لبنى مسعود بطن من هذيل. انظر : معجم البلدان (سولة).
(٣) حلى : بالفتح ثم السكون ، بوزن ظبى ، قال عمارة اليمنى : حلى مدينة باليمن على ساحل البحر ، بينها وبين السرين يوم واحد ، وبينها وبين مكة ثمانية أيام. انظر : معجم البلدان (حلى).