ثقبة ، فالتزموا لهم بأن يخذلوا أحمد بن عجلان عن قصده لصاحب حلى.
وكان قد أجمع على ذلك ، فإن لم يطعهم مالوا عنه إلى صاحب حلى. وحلفوا له على ذلك ، وحلف معهم عليه بنو مبارك.
وبلغ ذلك أحمد بن عجلان وهو بمكان يقال له أم غراب ، قريب من الحسبة (٤) ، ودوقة (٥) ، وهو على يوم من حلى للمجد فى السير ، فلاطف أحمد صاحب حلى ، وقنع منه بزيادة دون التى فى نفسه ، وأمر عنانا بمباينته ، فبان عنه ونهب إبلا كثيرة للأعراب ، وحصل أفراسا وسلاحا ، فلاطفه أحمد ، فاستدعاه إليه ، فحضر إليه وأكرمه ، ثم أغرى حسن بن ثقبة لعتبهم عليه ، فى أمر خفر جوارهم فيه. ومن عادة العرب أن يقتل من خفر جوارهم.
فما تم لأحمد مراد فى عنان ؛ لأن أحمد بن ثقبة نهى عن قتله. ولما عرف ذلك أحمد ، أغرى عنانا بأحمد بن ثقبة ؛ لأن أخاه حسن بن ثقبة ممن اتهم بقتل محمد بن مغامس أخى عنان ، ومن عادة العرب أن لا يقتصروا فى القصاص على القاتل ، بل يقتلوا غيره من جماعته ، إذا كان أحشم من القاتل ، فكاد عنان أن يفعل ما أمره به ، ثم ترك ، وعرف عنان وبنو ثقبة بما كان من أحمد بن عجلان فى حقهم ؛ فسافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر ، وشكيا من أحمد بن عجلان تقصيرا كثيرا ، فرسم لهما صاحب مصر الملك الظاهر بخطام فى الزاملة خمسة وسبعون درهما ، وبأبى عروة قرية بوادى مر ، بيد أمير مكة ، وغير ذلك مما يكون ، ربع المتحصل لأمير مكة.
وكان أحمد قد اتبعهم بكبيش وهدية سنية للملك الظاهر ، فرأى كبيش من الدولة إقبالا على عنان ، فالتزم بالموافقة على ما رسم به السلطان لعنان ، وحسن بن ثقبة ، وسالمهما حتى توصل إلى مكة ، فعرف أحمد بن عجلان الخبر ، وقال له : لابد من موافقتك على ما رسم به لعنان أو قتله ، فمال إلى قتله ، وسئل أحمد فى أن يخبر عنانا وحسن بن ثقبة ، ففعل ، وثوثق الساعى فى ذلك منه.
وكان الساعى لعنان فى الجيرة ، حسن بن ثقبة. فحضر إليه عنان فى أيام الموسم ، ثم فرّ منه عنان والناس بمنى ، ولحقه حسن بن ثقبة ؛ لأنه لم يوافق على ما وصلا به ، ثم إن
__________________
(٤) الحسبة : واد بنيه وبين السرين ، سرى ليلة من جهة اليمن. انظر : معجم البلدان (الحسبة).
(٥) دوقة : واد طريق الحاج من صنعاء فى اتجاه تهامة. انظر : معجم البلدان (دوقة).