ومن أخباره فى الجود ـ على ما بلغنى ـ أنه أتاه فى بعض السنين فتوح مائة ألف درهم ، فظفر بها ابن عمه البهاء ، ولم يعطه منها شيئا ، وأن جماعة من الناس أتوا الزين الطبرى ، وأشاروا عليه بأن يطالب البهاء بما أخذه له ، فامتنع من ذلك ، وقال : لا كانت دنيا تفرق بينى وبين ابن عمى.
ومنها : أنه كان يزيد فى إدامه من اليوم السادس عشر من ذى القعدة إلى انقضاء الشهر ، فى كل يوم منين لحم مكة ، وكان إدامه كل يوم من لحم مكى ، ومقدار هذا المن سبعة أرطال مصرى إلا ثلثا ، وأنه كان يأمر غلمانه باستدعاء الغرباء الوافدين إلى مكة ، فى كل يوم من الأيام المشار إليها ويطعمهم ذلك ويقول : هؤلاء يردون فى غاية الحاجة ، ولا يجدون من يعمل لهم طعاما ، فيكفيهم هذا الأمر. فكان يأمر غلمانه بأن لا يقتصروا على من يعرفونه فى استدعائهم للوافدين. وكان يؤخر عشاء عياله إلى أن ييأس من وصول أحد إليه ليلا ، وربما عشى عياله بالتمر وشبهه ، لفراغ الطعام قبل عشائهم. وله فى الجود أخبار غير ذلك.
توفى رحمهالله سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة بمكة. كذا وجدت وفاته بخط المحدث أبى موسى [.......](٢) المقدسى.
ووجدت بخطى فى تعاليقى ، أنه توفى فى رابع المحرم من السنة المذكورة.
وقد سألت عنه شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، قال : كان رجلا صالحا خيّرا جوادا ذا مكارم كثيرة ، وكان بينه وبين أخيه القاضى نجم الدين الطبرى قاضى مكة عداوة كبيرة ، وتهاجرا مدة طويلة ، فلما مات القاضى نجم الدين ، أنشد الزين الطبرى [من الرمل] :
لو علمنا أننا لا نلتقى |
|
لقضينا من سليمى وطرا |
وكان لكل منهما أصحاب لا يصحبون الآخر ، إلا على بن الزين القسطلانى ، فإنه كان يصحبهما.
وبلغنى أنه سئل بعد موت أخيه فى قضاء مكة ، فكره ذلك ، وآثر به ابن أخيه القاضى شهاب الدين أحمد.
وبلغنى أنه أضر بإحدى عينيه ، وكتم ذلك سنين كثيرة إلى أن أضرت الأخرى ، وأنه
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.