مزروعاتهم وثمارهم
وأكثر ما يزرع الإنكليز في حقولهم إنّما هو القمح والشعير واللفت والبطاطس ، وأصل جلب هذه إليهم من أميركا في سنة ١٥٨٦. فأمّا البقول فيزرعونها في عرصات الديار لمؤنتهم فقط ، وهي قليلة جدّا. ولّما كان جلّ علف البقر من اللفت كان لحمها ولبنها لا يخلوان من طعمه ، وإذا زرعوا البقول فلا بدّ وأن يضعوا معها شيئا من الملح والجير ، ويكثرون من تدميلها فلهذا لا تكون زكية إلا أنها تنمو نموّا فاحشا ، فإن الفول قد يعلو مقدار قامة الربعة ، وكذا اللوبياء والقمح والشعير والرشاد يبلغ أطول من ذراع ، ونحو ذلك الخس والنعناع والكرفس ، وقد تبلغ الكرنبة قدر الجرّة الكبيرة ، وتكون التفاحة أو الإجاصة نحو البطيخة الصغيرة ، وقس على ذلك البصل والكراث ، حتى إن الحيوانات البريّة والبحرية تكبر عندهم غاية الكبر ، فإنّ السرطان يكون في قدر رأس ا آدمي ، وقد وزن مرّة ديك حبشي فبلغ أربعين رطلا وكان ارتفاعه ثلاثة أقدام.
وأصل جلب الجزر إلى هذه البلاد كان من هولاندة ولم ينبت هنا قبل سنة ١٥٤٠ ولكنّه لم يكن أولا في هذا الكبر ، وأصل جلب القنبيط كان من جزيرة قبرس ، وكان منذ ستّين سنة يرسل منه من هنا إلى بلاد البورتوغال على سبيل الهدية والطرفة.
ويحرثون على الخيل والبقر جميعا وحين يزرعون القمح وغيره يمدّون خيطا من أول الحقل إلى آخره حتى تأتي الأتلام مستقيمة ، وفي كثير من البقاع يخافون عليه من آفة تعرض له من الدود فيزرعون بينه حشيشا سمّيا ليقتل الدود فإذا حصدوا القمح حصدوا معه الحشيش أيضا ، وباعوه على حدته ، وربّما أغفل فبقي مختلطا بالقمح ، وطحن معه. فقد قرأت في كثير من صحف الأخبار أن كثيرا ماتوا من الخبز ، وهذا هو أيضا سبب وضعهم الملح مع البقول فأعجب لقوم يطبخون طعامهم بلا ملح ، ويملّحون مزروعاتهم ويسمونها.
وممّا لا ينبت عندهم شجر البردقان والليمون الحلو والحامض وقصب السكر والموز واللوز والفستق والتين والمشمش والخوخ والدراق والصنوبر والتمر والرمّان وهذا الأخير لا يعرفون ماهيته والصبّار والآس والزيتون والبطيخ والقثاء والباذنجان والباميا والملوخية