والحمّص والعدس والماش ، وقل وجود الخرشف والخيار والسفرجل ، وشجر التوت لا يرى الا للفرجة.
والطيب من فاكهتهم إنّما هو الإجاص والتفاح ، وقد يكبران حتى تملأ الواحدة منهما الكف ، هذا الأخير يدوم الشتاء كله في المطامر ولكن يباع في القرى على قلّة ، وأصل جلبه إليهم كان من برّ الشام وذلك في سنة ١٥٢٢ ، فأما البردقان فيرد إلى المدن الكبيرة من إسبانيا والبرتوغال ، وكذا العنب ، وقد يربّون شجرهما في بيوت من زجاج ويسخنونها بالنار لأن حرارة هوائهم لا تكفي لإنباتهما ، ولكن يكون سعره أغلى من سعر المجلوب إليهم ، وما ينبت في غير هذه البيوت من العنب فإنّه يبقى حثرا ، وهو ما لا يينع ويبقى حامضا صلبا.
وعندهم ثلاثة أصناف من الثمار أو أربعة كحبّ الآس عندنا ، وهي قليلة الجدوى ولا سيّما كونها لا تقوى على الرياح فأقلّ نسمة تذهب بها ، وكذلك عندهم ثلاثة أصناف أو أربعة من البقول لا توجد عندنا وهي أيضا تافهة.
ويحقّ لي أن أقول بعد الاختبار والتحرّي ، إنّ جميع ما ينبت في بلاد الإنكليز هو دون ما ينبت في فرنسا في الطيبة والزكاء ، وجميع ما ينبت في هذه هو دون ما ينبت في برّ الشام ، وما أرى العلّة في ذلك سوى كثرة السرقين (١٢١) في الأرض وقلّة الحرارة في السماء. نعم إنّ جميع ما ينبت عندهم هو أكبر جرما ممّا ينبت عندنا كما تقدم ، ولكن شتّان ما بين الكبر والطعم إلا أن الإنكليز يتنافسون في كلّ شيء ضخم.
أمّا أنواع الرّياحين والزهور والأشجار غير المثمرة فكثيرة عندهم ، وعنايتهم بها أشدّ من عنايتهم بالبقول المأكولة ، على أنّ جلّ أزهارهم لا عرف له ، غير أني رأيت عندهم جملة أنواع من الزهور ذكية الرائحة ممّا هو في مالطة لا رائحة له أصلا ، وكثيرا ما يذكرها المؤلفون في كتبهم وتلهج بها النساء في محاوراتهن حتى أن إحداهن سجنت مرّة فكانت صواحبها يهادينها بباقات من الزهر. وفي أعياد ميلادهن يطرفن به ، فيغني ذلك عن طرف القماش والجواهر ، فهي في الواقع صلة الرحم ، وسبب الوداد. وإذا رقصت امرأة في ملهى وأعجبت الحاضرين نقّطوها بباقة ، وعلى ذكر التنقيط
__________________
(١٢١) السرقين : الزبل. (م).