يعجبني قول ابن المعتز في مليح جدّر :
يا قمرا جدّر لما استوى |
|
فزاده حسنا فزدنا هموم |
كأنه غنّى لشمس الضحى |
|
فنقّطته طربا بالنجوم |
قلت وأهل اللغة أهملوا هذا الحرف بهذا المعنى ، والضمير في زاده يرجع إلى التجدير المفهوم من الفعل ، وهو ردّ على الحريري حيث منع أن يقال جدّر بالتشديد لكونه ليس للتكثير.
أرض إنكلترة
أمّا ارض إنكلترة فكلّها سهل محروث مزروع تشبه أرض البقاع في الشام فلن ترى فيها بقعة واحدة بورا ، فكأنّها جميعها لرجل واحد ذي عيال في كونها لا يغادر منها محطّ قدم من دون منفعة ، فلا ترى إلا غياضا وحقولا ومروجا وديارا. والظاهر أن بلاد الإنكليز أعظم حرثا ، وأعمر من بلاد فرنسا وكل شيء فيها من نام وحيوان تراه في غاية الريع والنمو. وكنت قبل حضوري إليها أحسبها كلّها جبالا لما كنت أسمع من شدّة بردها ، فإذا هي قاع صفصف. وقرأت في بعض الأخبار أن قيمة ما تحصّل من غلالها في سنة ١٨٤٧ بلغت ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ٥٤ ليرة ، وقس على ذلك سائر السنين. وأحسن بقعة في الأرض يغادرونها مرعى للضأن ، ومسرحا ؛ فلهذا كان لحم الضأن عندهم فاخرا جدا. ومع شدّة عنايتهم بتربية الماشية فإنهم يحتاجون إلى جلب الجلود من الروسية والغرب الاقصى ، وثمن ما يجلبونه منها يبلغ في السنة ٠٠٠ ، ٠٠٠ ، ١٥ ليرة يذهب نحو نصفها في عمل الأحذية والباقي في غير ذلك.
بين إنكلترة وفرنسا
وفي بعض الصحف أن في كل من إنكلترة وفرنسا يربى نحو خمسة وثلاثين