التي يلبسونها في النهار ، ومع ذلك فإن هذين المحلين إذا قيسا بغيرهما من البيوت المجاورة لهما كان لهما حرمة ، فإنه وجد فيها ٢٠٨ أولاد قد أدركوا ، ولم يدخل منهم المكتب سوى ثمانية وثلاثين فقط ، وهم غارقون في الفساد والخساسة والقذارة والوباء ، وفي هي هوبرن ثلاثون بيتا يسكن فيها مائة وثلاث وثلاثون عيلة ، كل ثلاث عيال أو أربع في حجرة واحدة ، وقد تناهوا في السكر والسفاهة وفي كل نوع من الرذائل.
وكثيرا ما ترى النساء يمشين في الشتاء حافيات ، ويلتقطن الجذور وفتات الخبز ، وغير مرة رأيت رجلا على ذراعه طفل ، وامرأته بجانبه صفراء منجردة على عتبة إحدى الديار في أشد ليالي الشتاء بردا. وفي كل سنة يبقى ألوف من ذوي الحرف معطلين ، ففي سنة ١٨٤٩ كان ٤٠٠. ١ خياط و ٩٠٠ إسكاف بلا عمل ، وكان ٧٠٠. ١ إسكاف يعملون بنصف الأجرة ، وكذا الصاغة وصنّاع الجلود وقس على ذلك. وفي لندرة ٢٦٠. ٢ دارا مشرفة على السقوط ، والحاصل أنه لا فقير أشقى من فقير لندرة ، كما أنه لا غني أترف من غنيها. وكما أن طرف لندرة من جهة الشمال موسوم بحضرة الكبراء ، كذلك كان طرفها الجنوبي مختصا بأهل الضعة والخمول ، فلا ترى هناك شيئا يعجبك غير حسن النساء ، فإن الله تعالى جعل لهن هذا النصيب عامّا.
جهل الإنكليز بالطبخ وميلهم إلى الغش
وأما قول الآخر إنه ليس في لندرة مطاعم أنيقة .. إلخ ، فهو في محله ، إلا أنه لم يذكر سبب ذلك ، وهو جهل الإنكليز بصنعة الطبخ ، أمّا في البيوت فيمكن للواحد أن يعتذر عنهم بقوله إنهم لا يتأنقون في الطبخ حرصا على الوقت أن يضيع في الحشو والتكبيب وما أشبه ذلك ، إلّا أنه لا يمكن الإعتذار عن أصحاب المطاعم العمومية الذين لا شغل لهم إلّا إطعام الناس. وما عدا ذلك فإن المنتقد لم يذكر أنه لا شيء في لندرة مما يؤكل أو يشرب إلّا وهو مغشوش مخلوط مشوب. أو ليس من العار على أهل هذه المدينة مع كونهم أغنى الناس وأقدرهم وأتجرهم ، أن يرخصوا لواحد من