الأجانب في أن يفتح دكانا في أعظم الطرق ، ويبيع فيه نحو الجبن ولحم الخنزير والخردل واللبن ، ولآخر في أن يبيع المثلوج والحلواء ، ولآخر في أن يبيع الخل والزيت ، ولآخر في أن يفتح محل قهوة تغنّي فيه نساء بلده ، ونحو ذلك مما يمكن لكل أحد أن يصنعه؟ فهل لهذا من تأويل أخر سوى أنكم يا أهل لندرة خرق حمق أو غشاشون غبّانون؟
سبق الفرنسيين وتخلّف الإنكليز
وفي الواقع فإن كل شيء يصنعه أهل فرنسا هو مفخرة للإنكليز ، فإن الحرير الفرنساوي للستات من الإنكليز نصف جمالهنّ ، والنصف الآخر من الشريط والجوارب والكفوف والقيطان ونحوه ، ونصف أدبهن هو التكلم باللغة الفرنساوية ، والنصف الثاني العزف على البيانو. وطباخو أمراء الإنكليز إنما هو فرنسيس ، وكذا شرابهم وجلّ تحفهم ، وأهل الحوانيت يكتبون على كل شيء أنه فرنساوي كما مر ذلك ، فما معنى اتساع لندرة إذا وكثرة دكاكينها ، وسعة طرقاتها وتعدد مراكبها وزحامها وضجيجها وجلبتها؟ وليس فيها من يحسن عمل الخردل ، وليس في مطاعمها مرقة في الشتاء ولا سلاطة في الصيف ، ولا أرز ، ولا عدس ، ولا حمص ، ولا فول ، ولا مقر ، وإنما هو الشواء والبطاطس ، أو شيء من البقل مسلوق سلقا.
طعامهم وطريقتهم في الأكل
ومن الغريب أنهم إذا طبخوا البطاطس مع اللحم سموه إداما إرلانديا ، وملؤه من الفلفل والأبازير حتى يحرق اللسان ، وإذا جلس أحد فيها للغداء رأى بينه وبين جيرانه حاجزا من خشب حتى لا يقع التعارف بينهم ، وهو أشبه بحاجز الحيوانات التي يجمعونها في بستان النباتات ، وترى كلا منهم قد جلس للطعام وبيده صحيفة أخبار يطالعها ، وإذا أراد أخذ شيء من بين يديك تلقفه من غير أن يستأذنك فيه ، خلافا لما تفعل الفرنسيس وغيرهم ، على أن كثيرا من هذه المطاعم يأكل الناس فيها